الناس حياة طيبة ونعيمًا في قلوبهم وصدورهم وعيشهم العيش أيها الإخوة ليس هو بالأجساد ولا بالمظاهر وإنما هو بالقلوب ومافيها من السرور فأسند النعمة إليه سبحانه وتعالى هنا لكمال التشريف لهم ولذلك لم يسنده (غير المغضوب عليهم) فقال (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {7}) فهنا كأن الله عزوجل أبعد هؤلاء وقطع عنهم تكريمه فقال المغضوب عليهم ولم يقل غضبت عليهم قوله (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {7}) يتضمن بيان طرفي الانحراف عن الصراط يعني بعد أن أكرمك الله وعرفك الصراط المستقيم حين تسلك هذا الطريق تعلم أن في هذا الطرلايق كلاليب شياطين تريد أن تصرفكفبين الله لك أن هناك طريقان للانحراف ابتعد عنهما واسأل الله عزوجل أن يقطع عنك سبيلهما وأن يحفظك منهما فقال (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {7}) الله أكبر!

انظر كيف حُفّ المؤمن وهو يقرأ هذه الآية ويسأل الله عز وجل إلى أن يكون مداومًا مستقيمًا قد تستقيم على دين الله وقت ووقت قد تفتر أو تصرف أو تنحرف بسبيل أو آخر لكن الله هنا يوفقك ويبين لك سؤاله الحذر من طريق المنحرفين فقال غير المغضوب عليهم ولا الضالين فهذه الآية اشتملت على بيان طريقي الانحراف عن الصراط المستقيم وأن الانحراف كما قال ابن القيم إلى أحد الطرفين انحراف إلى ضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد والانحراف إلى الطريق الآخر انحراف إلى الغضب الذي سببه فساد القصد أو العمل طريقان للانحراف الطريق الأول هو انحراف د بقصد والانحراف الثاني انحراف الجهل فالطريق الأول تمثله اليهود فكفروا بالله عز وجل مع علمهم وماعندهم والنصارى عبدوا الله بجهل فالطريق الأول يشمل من أشرك بالله أو ابتدع عامدًا يدخل في ذلك والطريق الثاني هو من عبد الله بجهل ولم يسلك سبيله المستقيم فشمل ذلك الطريقان جميعًا وعليه فالمقصود هنا طلب السلامة من طرفي الانحراف وأصوله ولهذا عبر بوصفي الغضب والضلال اللذان هما أصل الانحراف والنبي عليه الصلاة والسلام والنبي صلى الله عليه وسلم خص اليهود والنصارى ففسر (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ) باليهود (وَلاَ الضَّالِّينَ {7}) (بالنصارى) لماذا لأنها تجد طائفتين هما أظهر من اتصف بذلك من جهة أنهما جمعا أو جمعتنا طرفي وأصل الضلالة ومخالفة الهدى وهما الكبر والجهل فاليهود كان انحرافهم بالكبر وفساد القصد والعمل والنصارى كان انحرافهم بالجهل وفساد العلم والاعتقاد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (فمن عرف الحق ولم يعمل به أشبه اليهود ومن عبد الله بغير علم بل بالغلو والشرك (14)

والبدعة أشبه النصارى فالأول من الغاوين والثاني من الضالين ومن جمع الضلالة والغي ففيه شبه من هؤلاء وهؤلاء)

فحينها أيها الأخ الكريم تتأمل هذا الدعاء العظيم أن الله يسلك بك طريقه المستقيم الكامل في الدنيا وفي الآخرة وأن الله يسلمك من طرق الانحراف من أصولها ومايدخل فيها فإنك بذلك قد حزت على أكمل توفيق وأعظم مسؤول وأعظم سؤال تسأله ربك فاستحضر هذا المعنى يارعاك الله.

ثم بعد ذلك نحتم في سر تشريع التأمين بعد الفاتحة.

التأمين بعد الفاتحة في قول النبي صلى الله عليه وسلم (من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفرله ماتقدم من ذنبه) (15)

، أو تأمينه تأمين الملائكة وفي رواية تأمينه تأمين الملائكة فماسر ختم الفاتحة بالتأمين؟

السر أنه لما كانت الفاتحة في الصلاة ركنًا وكان نصفها مشتملًا على الدعاء الذي هو حق العبد منها كان من حق الإمام القراءة وكان من حق المأموم الاستماع والتأمين لأنه واجب دون قراءة وهذا من أدلة عدم وجوبًا قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية كما قا ل ابن كثير تأملتم ذلك؟

أعيد يقول بن كثير رحمه الله لما كانت الفاتحة ركنًا في الصلاة وكان نصفها مشتملًا على الدعاء الذي هو حق العبد

منها كان أدلة على عدم وجوب المأموم قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية وهذه المسألة مسألة كبيرة جدًا لايسع المقام لتفصيلها إلا أن الإنسان ينبغي أن يجتهد في قراءة الفاتحة مااستطاع حتى يخرج من هذا الخلاف.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015