(اهدِنَا) فإنك تدعو لنفسك وتدعو للمسلمين جميعًا للأقربين والأبعدين وتستحضر ذلك في دعائك وهنا أيها الأحبة قوله (الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) مسألة لماذا عبر بالصراط ولم يقل الطريق المستقيم؟
تذكيرًا بصراط الآخرة إنك حين تقول اهدنا الصراط المستقيم حين تدعو ربك عزوجل بدعائين: دعاء أن يهديك صراط الدنيا بالعبودية وأن يهديك صراط الآخرة الذي تدلف به إلى جنة ربك فما أعظم أن يستحضر المسلم هذا الدعاء أو هذا المعنى حينما يقول (اهدنا الصراط المستقيم) صراط الدنيا وصراط الآخرة والصراط التعبير بالألف واللام اهدنا الصراط ولم يقل (اهدنا صراط) لماذا؟
للاستغراق بمعنى أنك تطلب من الله كمال الهداية لهذا الصراط والصراط كله الصراط كله بكل مايتضمن من خير ومن رضا لله عزوجل فإذا حققت ذلك حققت كمال السؤال في هذه الآية ويستشعر العبد في هذا السؤال (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6}) كمال الهداية لأمور الدنيا والآخرة وهذا معنى يغفل عنه كثير قولك (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6}) تفيد أنك تسأل الله أن يوفقك للصراط المستقيم حتى في أمور دنياك في بيتك مع زوجك وأولادك في تربيتك لهم في وظيفتك وعملك أم يهديك الصراط المستقيم في بيعك وشرائك وتجارتك (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6}) في تعاملك مع الناس اهدنا الصراط المستقيم فضلًا عن تعاملك مع ربك أن يهديك الصراط المستقيم في عبوديته فهذا المعنى يغفل عنه كثير من الناس أيها الأحبة أنك تسأل الله الصراط المستقيم الذي يشمل كل خير في الدنيا وفي الآخرة فإذا سألت الله في الدنيا والآخرة يسر لك أمر ك في دنياك وأخراك والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه قل اهدني وسددني واقصد بقولك اهدني هداية الطريق وسددني سداد السهم مع أن قول اهدني وسددني للآخرة في أمر الآخرة لكنه حينما يستشعر فيه المسلم في كل في أمر دينه ودنياه فإنه بذلك يحقق كمال الطلب من الله عز وجل.
لماذا وصف الله الصراط بالمستقيم ولم يقل الصراط؟
للدلالة على أمور فتأملوها:
أولًا:دليل على أنه لااعوجاج فيه وهذا يبين أن طريق الله لااعوجاج فيه صراط مستقيم واضح وأيضًا يدل على وضوحه ويدل على قربه لأن أقرب أقرب خط بين نقطتين هو الخط المستقيم فأقرب طريق إلى الله هو دينه وهو عبوديته لازيغ ولاميل ولاانحراف فهذا يبين لك قولك المستقيم أن دين الله واضح وأنه سهل وأنه وأن معالمه واضحة وأنه أقرب الطرق كل هذه المعاني تدخل في معنى قولك المستقيم وأنت حينما تقول (اهدنا الصراط المستقيم) تطلب ربك أن ييسر لك الخير في أيسر سبيل وأسهل سبيل وأوضح سبيل وأعظم سبيل قال ابن القيم رحمه الله في المراد بالصراط المستقيم قال وحقيقته شيء واحد ـ حقيقة الصراط المستقيم شيء واحد ـ وحقيقته شيء واحد وهو طريق الله الذي نصه لعباده على ألسن رسله وجعله موصلا لعباده إليه ولا طريق لهم إليه سواه بل الطرق كلها مسدودة إلا هذا وهو إفراده بالعبودية وإفراد رسوله بالطاعة وهذا كله مضمون الشهادتين فأي شيء فسر به الصراط فهو داخل في هذين الأصلين) (13)
ثم قال الله عز وجل (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {7}) مافائدة إعادة لفظ الصراط وتعريفه بأنه صراط الذين أنعمت عليهم؟
سورة مختصرة وسورة جمعت أجمع المعاني إلا لأن هذا أمر عظيم يجب أن نستشعره أيها الأحبة
1ـ هذه الآية غرضها التعريف بالصراط المستقيم حتى يتضح لك ماهو الصراط المستقيم فأنت حينما تقول (اهدنا الصراط المستقيم) فيأتيك سؤال ماهو الصراط المستقيم؟ لم يترك الله الجواب في سورة أخرى أو في آية أخرى إنما جعله مباشرة في هذه السورة فقال هو (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) فتأملوا معي فقولك (صراط الذين أنعمت عليهم) هذا تعريف بالصراط المراد بالنعمة هنا كمال الهداية للدين الباعث على كمال التفضيل في الدنيا والآخرة المؤدي لكمال الجزاء وهذا هو المتوافق مع مقصد السورة كما ذكرت وهو الأنسب لكمال الطلب وهنا سر لماذا قال صراط الذين أنعمت عليهم ولم يقل صراط المؤمنين أو صراط الأنبياء المرسلين؟
¥