إذا لم يكن عون من الله للفتى ...
فأول ما يجني عليه اجتهاده
هنا أيها الأخ الحبيب وأنت تعترف لله عزوجل بالعبودية يمكن أن يأتيك الشيطان فيبعث في نفسك الفخر وأنك تعبد الله وكثير من الناس لايعبده هنا يُكسر هذا العجب بقولك إياك نستعين أي ليس لي سبيل لعبادتك إلا بك سبحانك وحدك لاشريك لك فهذا معنى ً عظيمًا فتأملوه وتدبروه.
وقدم العبادة على الاستعانة لأن العبادة هي المقصودة والاستعانة وسيلة لها كما أن العبادة حقه تعالى والاستعانة حق للعبد من لله يعني العبادة حق لله من العبدأن يعبده والاستعانة حق للعبد من الله أن يعينه فكان ذلك جمعًا بين حق الله وحق العبد وهو معنى قوله السبع المثاني.
ثم بعد ذلك قول الله عز وجل (اهدنا الصراط المستقيم) يقول الله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم) هذ احق العبد وهذه الآية غرضها بيان أعظم مطالب المؤمنين وهو سؤال تحقيق الهدي الكامل والدين الصحيح ما هي أعظم مطالبنا؟
هي هداية الصراط المستقيم الذي يوصلنا إلى مرضاة الله وجنته فقط هذا أعظم مطالبنا وهنا سؤال العبد لربه تحقيق الهدي الكامل والدين الصحيح أنت إنما تسأل الله أن يسلك بك أكما الطرق وأعظمها وأقربها إليك ولهذا قال في الحديث الوارد في تقسيم الفاتحة حين يقول اهدنا الصراط المستقيم قال الله (هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) لكن ينبغي أن نستشعر هذا المعنى.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (هذا الدعاء هو الجامع لكل مطلوب) (11)
كل ما تطلب الله فهو داخل في هذا الدعاء فما أكرم الله حين وفقنا لهذا الدعاء ندعو به في كل صلاة في كل ركعة الذي هو أعظم دعاء لو اجتمعنا كلنا إلى أن نقول م اهو أعظم دعاء ندعو اله لبه والله لا نجد أعظم من هذا الدعاء فتأمل ذلك وتبصر وتدبر حين تقول ذلك وتقرؤه في صلاتك في كل ركعة.
يقول: (يحصل به كل منفعة) يحصل بهذا الدعاء كل منفعة (ويندفع به كل مضرة فلهذا فرض على العبد وهذا مما يبين أن غير الفاتحة لا يقوم مقامها أصلًا وأن فضلها على غيرها من الكلام أعظم) ومناسبة هذه الآية هي أنه لما تقدم الثناء على الله عز وجل في قولك (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {2} الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {3} مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ {4}) ثم اعترفت له بالعبودية لله وحده خالصًا مخلصًا فإنه هنا أن يعقب بالسؤال والدعاء وهذا أكمل أحوال السائل أن يمدح مسؤوله ثم يسأله حاجته ولله المثل الأعلى أنت إذا أردت حاجة من إنسان لاشك أنك تذهب إليه تتقرب إليه بالثناء وأنت صاحب الفضل ولك أيادٍ بيضاء ولك خير كثير ثم تطلب حاجتك ولله المثل الأعلى وهو ربنا يحمد الحمد والثناء سبحانه وتعالى وهو أحق بالحمد من غيره فهو صاحب الفضل كله فحينما تريد أن تدعو الله فينبغي ويشرع أن تستفتح دعائك بالثناء عليه وهذا ما كان في أعظم دعاء اشتملته هذه السورة وهذا القرآن هو طلب الهداية من الله ع عز وجل الصراط المستقيم افتتحته بالثناء الكامل لله عز وجل فهو أدعى للإجابة وهذا مما يشرع في الدعاء أن يفتتح بالثناء وهذا مثله مثل ما جاء عن أسمع الدعاء ماكان في آخر جوف الليل الآخر ودبر الصلاة ودبر الصلاة اختلف فيه العلماء لكن أظهره أنه قبل التسليم والدليل على ذل والله أعلم مع أنه يشرع بعد التسليم من الصلاة أيضًا الدعاء كما قال الرسول لمعاذ (يا معاذ إني أحبك فل تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) (12)
لكن قبل التسليم فيه الدعاء مستجاب محل دعاء مستجاب ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثم ليدع بما شاء) وحين تتأمل التحيات فإن فيها الثناء بل فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بل فيها التشهد والتوحيد (التحيات لله) ثم في التشهد ثم الدعاء فهذا يتضمن السؤال ثم الدعاء.
لماذا قال (اهدنا) ولم يقل اهدني؟
كما قلنا في (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {5}) فإن ذلك الثناء على الله عزوجل بسعة منه وكثرة عباده وكثرة سائليه ماذا يتضمن لفظ الإفراد كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى كما أن أدل وأكمل في طلب الهداية وأرجى للقبول في جملة دعاء العابدين أرجى للإجابة وأعم للرد.
¥