تجد الإنسان يقرأ القرآن في سبع، أو في ثلاث، أو في أقل من ذلك سنين طويلة لكن إذا سألته عن شيء من معاني كلام الله جلّ وعلا، أو ممّا يُستنبط منه تجد أنّه لم يستفد كثيراً، نعم استفاد الأجر المرّتب على الحروف وهذا بحد ذاته نافعٌ جِدّاً هذا رصيد للمسلم يثقل به ميزان حسناته، لكن أعظم من ذلك التدّبر الذّي فيه النّفع الأعظم. هذا الكتاب كلام الله الذي فضله على سائر الكلام، كفضل الله على خلقه.

هو الكتاب الذّي من قام يقرأه*****كأنّما خاطب الرّحمن بالكّلِم

ومن أعظم كتب التّفسير وأكثرها فائدة التّفاسير الموثوقة التفسير المشهور " تفسير الحافظ ابن كثير" لكنّه لا يصلح لعامّة النّاس ومبتدأي الطلبة لوجود التّكرار والأسانيد، فوُجِد له مختصرات كثيرة، كثير من طُلاّ ب العلم يسأل عن أفضل المختصرات، فنقول أفضل هذه المختصرات التي يستفيد طالب العلم مختصر الشيخ أحمد شاكر "عمدة التفسير" لا سيما في الثُّلث الأوّل الذّي توّلاه الشيخ بنفسه، هناك أيضاً "المصباح المنير" و أيضاً " اليسير في اختصار تفسير ابن كثير"كلّها طيّبة وبحروفها المنقولة من تفسير الحافظ ابن كثير. هناك أيضاً "مختصر للشِّيخ نسيب الرِّفاعي" وهو مختصر نافع وعلى جادّة السَّلف في العقيدة. من الكتب التي يُستفاد منها في هذا الصّدد "تفسير الشِّيخ عبدالرّحمن بن سعدي" إلاّ أنّه صاغه بأسوبه، وما فهمه من كلام السَّلف في تفسير القرآن ويُستفاد منه. ومن الكُتُب التي يُستفاد منها أيَضاً تفسير الشِّيخ فيصل بن مبارك المسمّى" توفيق الرّحمن في دروس القرآن" وهذا بحروفه من كلام السَّلف، انتقاء بالحرف من كلام السَّلف والشيخ ما تصرّف في شيء، إذا كان الشيخ ابن سعدي صاغ كلام السّلف بأسلوب سهل ميسّر، فإن الشيخ فيصل ما تصرّف إطلاقاً، إنّما انتقى من كلام السّلف تفسير القرآن مختصر جِدّاً ونافع.

بعض طُلاّب العلم يسأل عن مختصر لتفسير ابن كثير، وبعضهم يُدَل على المختصر يُقال له الأفضل كذا وكذا، وبعضهم يُقال له إذا رُؤيَ عليه علامات النّباهة والقُدرة يُقال له أفضل مختصر لابن كثير (مختصرك أنت)، امسك ابن كثير وبيدك القلم وضع أقواس على الكلام المكرّر إذا رأيت أنّ الحاجة إليه ليست داعية أو أنّ فائدته أقل.

لماذا يُقال مثل هذا لبعض الطُّلاب النَّابهين؟

أولاً: لأنَّ لديهم القُدرة.

ثانياً: أنّ بهذا تتم الفائدة، لأنّ كثيرمن طُلاّب العلم يقول قرأت ابن كثير مرار أكثر من مرّة وما استوعبت ولا جمّعت، نقول له: اختصر الكتاببعد ذلك تستوعب وتُجمّع، لأنَّك إذا أردت الاختصار أحضرت ذهنك. ولعل المختصِر الذّي تُدَل عليه على أنّه أفضل المختصرات قد يكون حذف شيئا في تقديره أنّه لا داعي له، وهو في حقيقة الأمر بالنّسبة إليك أهم ممّا أبقى فيكون أحياناً المحذوف أولى بالبقاء من المذكور، فكون الإنسان يختصر بنفسه ليكون على علم بما يحذف كعلمه بما يُبقي. وبهذه الطّريقة يرسخ العلم ويكون ثابتاً في ذِهن الإنسان ويكون العلم مقرونا بكلام الله جلّ وعلا فيستفيد منه فائدة عظيمة.

بعض النّاس يقول أنا أسمع القرآن من فُلان فأَتأثر وأبكي، وأسمع الآيات نفسها من شخص آخر ولا أتأثر ولا أبكي، قيل له: إخلاص القارئ له دور، وكون المستمع يُلقي سمعه للقارئ له دور، وصوت القارئ له دور ولذا جاء الأمر بتزيين القرآن بالأصوات

(زيّنوا القرآن بأصواتكم) (11)، (ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن) (12)، فيَرِد على هذا سؤال: أنّي إذا سمعت كلام الله من فلان الذّي صوته أقل لا أتأثر، وإذا سمعته من فلان الذّي صوته أجمل وأرّق وأندى أتأثر، فهل التّأثير للقرآن أو للصّوت؟ لأنّ ظاهر الأمر أنّ الفرق بينهما هو الصّوت إذاً التأثير للصَّوت، نقول لا، التّأثير للقرآن المُؤدّى بهذا الصّوت، لكن لو أتيت بهذا الصوت في غير القرآن في شعر أو نثر غير القرآن ما أثّر، إذاً التأثير ليس للصَّوت المجرّد وإنّما للقرآن المُؤدّى بهذا الصَّوت وهذا إشكال سأَل عنه كثير من طُلاب العلم. القرآن هو القرآن فكيف نتأثر بصوت فلان ولا نتأثر بصوت فلان، نقول أنت تتأثر بالقرآن المؤدّى بهذا الصّوت، ولولا أنّ للصّوت دورٌ شرعيّ معتبراً لما أُمِرَ بتحسين الصوت وتزيينه والتّغني بالقرآن. النَّبي صلى الله عليه وسلّم استمع لِقراءة أبي موسى الأشعري وأخبره بأنّه

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015