هذا الموضوع من أمتع الموضوعات، وأجدرها بالنقاش بين ذوي العلاقة، للخروج بتجارب وفوائد جديدة تثري الباحثين والقائمين على أمور البحث في الأقسام العلمية.
فيا حبذا لو أعيدت قراءته مرة أخرى من قبل الجميع الذين شاركوا فيه والذين لم يشاركوا بعد؛ لنستفيد جميعاً، فقد طال البعد بيينا وبين طرحه في الملتقى للنقاش.
سددكم الله ونفع بكم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 صلى الله عليه وسلمpr 2006, 04:30 م]ـ
استجابة لطلب أخي الدكتور عبد الرحمن الشهري، فإني اطرح هاتين المقالتين اللتين كنت قد طرحتهما في الشبكة، وهما في الأصل تبع لهذا الموضوع.
المقالة الأولى:مسارات البحث العلمي في الدراسات القرآنية (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير البشر أجمعين، وعلى آله والصحب والتابعين إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد تأملتُ الموضوعات البحثية التي يقوم بها طلاب الدراسات العليا، وكذا الموضوعات التي يكتبها عامة المتخصصين في الدراسات القرآنية أو المشاركين لهم في هذا العلم، واجتهدت في تصنيفها؛ ليكون هذا التصنيف منطلقًا لتصنيف أكثر شمولية للموضوعات التي يمكن بحثها في الدراسات القرآنية، وهذا التصنيف يمكن تطبيقه كذلك على عموم الدراسات الإسلامية والعربية، لكن لما كان المراد الحديث عن تخصص الدراسات القرآنية أوردته مستقلاًّ بهذا التخصص.
وهذا الاجتهاد في تقسيم الموضوعات ليس نهائيًّا، وإنما هو تقريب لأطراف الموضوعات في هذا التخصص، ولا أشكُّ أن ناظرًا لو نظر من زاوية أخرى، بل من تلك الزاوية التي انتهجتها، لا أشكُّ أنْ سيخرج بغير ما خرجت به، بل أحسن من ذلك، لكن حسبي هنا أن أفتِّق الموضوع، وأن أضعه في حيِّز الشعور، والله الموفق في جميع الأمور.
وقد ظهر لي في هذا الموضوع التقسيم الآتي:
1 ـ الدراسات المتعلقة بالتراث.
2 ـ الدراسات المتعلقة بالمستشرقين والمنصرين.
3 ـ الدراسات المتعلقة بالانحرافات المعاصرة.
4 ـ الدراسات القرآنية المعاصرة.
وهذا التصنيف تصنيف عامٌّ يندرج تحته كثيرٌ من التفصيلات العلمية المتعلقة بالكتابة في تخصص الدراسات القرآنية، لذا لن ألتزم بذكر كل ما يدخل فيه من الموضوعات، وإنما أذكر أمثلة فقط.
أولاً: الدراسات المتعلقة بالتراث.
يمكن تقسيم الموضوعات التي دُرست في التراث المتعلق بالدراسات القرآنية إلى أقسام ثلاثة:
الأول: دراسة موضوعات تراثية عامة.
ويشمل هذا كثيرًا من الدراسات العلمية التي قامت في سوق الدراسات القرآنية؛ كدراسة منهج مفسر، أو منهج نوعية من العلماء المشاركين في التفسير؛ كالتفسير الفقهي، أو دراسة موضوع بعينه من موضوعات التراث؛ كتفسير التابعين، والمكي والمدني، وأسباب النُّزول، وغيرها من هذه الموضوعات.
وينظر بعض الدارسين إلى هذه الدراسات بعين التقليل وعدم الفائدة، كما يزعم بعضهم أنه لا يمكن المجيء بجديد في هذا الباب، فتراهم يُغلقون هذا الباب، ويطالبون بالتجديد والجديد، وهذا ـ في نظري ـ غير مستقيمٍ لأمورٍ:
الأول: أنَّ بعض هذه الدراسات أثبتت جِدَّتها وجدِّيتها، وأتت بما هو مفيد في مجال الدراسات القرآنية، وأذكر على سبيل المثال:
1 ـ تفسير التابعين عرض ودراسة مقارنة، للدكتور محمد بن عبد الله الخضيري.
2 ـ دراسة الطبري للمعنى من خلال تفسيره جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للأستاذ محمد المالكي.
3 ـ قواعد الترجيح عند المفسرين، للدكتور حسين الحربي.
وقائمة الدراسات الجديدة والجادة طويلة ـ ولله الحمد ـ، لكن المراد هنا التمثيل لا الحصر.
الثاني: ما مفهوم الجِّدة والجديد عند المطالبين به؟
لقد رأيت ـ من خلال مساعدتي لبعض طلاب الدراسات العليا في خطط رسائلهم ـ الجِدَّة والتجديد الذي يُطمحُ إليه، لكن كان سبيل هذه الأفكار الرفض من آخرين عُرِض عليهم الموضوع بدعوى عدم وجود جديد يضيفه الباحث في موضوعه. والذي أريد التنبيه عليه هنا أن استعمال هذه الألفاظ فضفاض يرجع إلى تحكيم العقول، وهي تختلف فيما بينها، فما تراه حسنًا صالحًا يراه غيرك بخلافه، وتلك طبيعة بشرية لا تثريب عليها، لكنها سبب واضح في ردِّ كثيرٍ من الموضوعات التي تتسم بالجِدَّة والطرافة.
¥