واذ قد علمت أن التجويد واجب وعرفت حقيقته علمت أن معرفة كيفية الأداء والنطق بالقرآن على الصفة التى نزل بها متوقفة على التلقى والأخذ بالسماع من أفواة المشايخ الآخذين لها كذلك المتصل سندهم بالحضرة النبوية لأن القارىء لايمكنه معرفة كيفية الادغام والاخفاء والتفخيم والترقيق والامالة المحضة أو المتوسطة والتحقيق والتسهيل والروم والاشمام ونحوها إلا بالسماع والاسماع حتى يمكنة أن يحترز عن اللحن والخطأ وتقع القراءة على الصفة المعتبرة شرعا، إذا علمت ذلك تبين لك أن التلقى المذكور واجب لان مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما هو معلوم ولأن صحة السند عن النبى صلى الله عليه وسلم عن روح القدس عن الله عز وجل بالصفة المتواترة أمر ضرورى للكتاب العزيز الذى لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفة تنزيل من حكيم حميد ليتحقق بذلك دوام ما وعد به تعالى فى قوله جل ذكره (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وحينئذ فأخذ القرآن من المصحف بدون موقف لايكفى بل لايجوز ولو كان المصحف مضبوطا 0 قال الإمام السيوطى (والأمة كما هم متعبدون بفهم معانى القرآن وأحكامه متعبدون بفهم معانى القرآن وأحكامه متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من الأئمة القراء المتصلة بالحضرة النبوية) اهـ.

فقوله على الصفة المتلقاة من الأئمة الخ صريح فى أنه لا يكفى الأخذ من المصاحف بدون تلق من أفواة المشايخ المتقنين ويدل له ما أخرجه سعيد بن منصور فى سننة والطبرانى فى كبيره بسند معتبررجاله ثقات عن مسعود بن زيد الكندى قال كان ابن مسعود يقرىء رجلا فقرأ الرجل ـ إنما الصدقات للفقراء مرسلة ـ أى من غير مد فقال ابن مسعود ما هكذا أقرانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن قال أقرأنيها – إنما الصدقات للفقراء- فمد الفقراء اهـ.

والمد مقدر بحركات معلومه عند القراء لايعرف إلا بتوقيف المعلمين ولو كان الأخذ من المصاحف كافيا لكان مقتضى الرسم العثمانى صحيحا فى القراءة فى كل موضع وليس كذلك بل قد يخل بها فى مواضع خالف فيها خط المصحف أصول الرسم العربى إخلالا بينا كما فى قولة تعالى – أو يعفوا الذى بيده عقدة النكاح – إذ رسم بعد واو يعفوا ألف ومقتضاه أنه بصيغة التثنية وكقوله ويدع الانسان – إذ رسم بلا واو فربما قرىء يدع بتحريك الدال وقوله تعالى – سندع الزبانية – كذلك قوله تعالى – ولا أوضعوا خلالكم – فقد كتب بألف بين لا وأوضعوا.

وربما قرىء بصيغة النفى فينقلب المعنى انقلا با فاحشا من الاثبات المؤكد إلى النفى المحض إلى غير ذلك مما ضبطه أهل الرسم العثمانى وهو توقيفى كاللفظ لا يجوز إلا خلال به وإن خالف مشهور الرسم فالحاصل أنه لابد من التلقى من أفواه المشايخ الضابطين المتقنين على ما تقدم ولا يعتد بالأخذ من المصاحف بدون معلم أصلا ولا قائل بذلك ومرتكبة لاحظ له فى الدين لتركه الواجب وارتكابه المحرم هذا محصل ما كتبه فى هذا الموضوع من فطاحل الأئمة من يوثق بقولهم ومن جهابذة الأمة من يؤخذ برأيهم 0فى المعقول يرجع إليهم وفى المنقول يعتمد عليهم وهم المغفور لهم شيخ الإسلام الشيخ محمد الانبابى الشافعى وشيخ القراء والمقارىء خاتمة المحققين الشيخ محمد المتولى الشافعى ووراث علمه وفضله الشيخ حسين بن خلف الحسينى المالكى وشيخ المشايخ أحمد الرفاعى المالكى والعلامة الشيخ عبد الهادى نجا الأبيارى والعلامة الشيخ محمد البسيونى المالكى والعلامة الشيخ مصطفى القلتاوى المالكى والأستاذ الكبير عبد الرحمن البحراوى الحنفى والعلامة الشيخ أحمد الدين المرصفى الشافعى والعلامة الشيخ أحمد المنصورى المالكى والعلامة الشيخ عبد العاطى الخليلى الحنفى0 وأيضا أخرج البخارى عن مسروق عن عائشة عن فاطمة رضى الله عنها أنها قالت: أسرإلى النبى صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضى (أى يدارسى) بالقرآن فى كل سنة مرة فعارضنى العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلى اهـ.

قيل كان النبى صلى الله عليه وسلم يعرض على جبريل القرآن من أوله إلى آخره بتجويد اللفظ وتصحيح إخراج الحروف من مخارجها ليكون سنة فى الأمة فتعرض التلامذة قراءتهم على الشيوخ اهـ.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015