ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Jan 2009, 04:40 م]ـ

بارك الله فيكم.

قرأتُ أول الأمر عام 1407هـ وما بعدها على الشيخ عبيدالله الأفغاني حفظه الله وعلى بعض طلابه. وكان مخرج الضاد هو مدار الحديث، وقد أعجب الشيخ حفظه الله بنطقي لاسم والدي (معاضة) بالطريقة التي يدعو إليها دون تكلف. وكان يحرص على تحقيق مخرج الضاد من حافتي اللسان مع ما يليه من الأضراس كما في وصف المخرج في كل الكتب المصنفة في التجويد.

ثم قرأتُ بعد ذلك على بعض الشيوخ من أهل مصر بالضاد التي يقرأ بها مشاهير القراء في العالم الإسلامي اليوم. ولدي إسناد بهذا النطق وبهذا النطق. وقرأتُ كذلك على الشيخ حضرت نور حفظه الله كما قرأها الشيخ عبيدالله الأفغاني.

أنا لا أحب التعصب لرأي فيه مجال للنظر والقول مثل هذه المسألة.

الأسهل بالنسبة لي هو نطقها كما ينطقها القراء اليوم لأنه لا شبه بينها وبين الظاء إطلاقاً، ولا صعوبة في نطقها على هذا الوجه، ولذلك فكل ما يذكره العلماء من صعوبة تكلف مخرج الضاد لا قيمة له في الواقع على هذا النطق.

ولكن الذي أراه في كتب اللغة والتجويد من وصف لمخرج الضاد يتطابق مع ما قرأته على الشيخين عبيدالله الأفغاني والشيخ حضرت نور. والذي ينكر ذلك لا حيلة معه.

والغريب اليوم - كما قال أخي محمد يحيى شريف - أن الذين يصفون مخرجها بأنه (من إحدى حافتي اللسان مع ما يليه من الأضراس) لا يخرجونه من هناك مع إقرارهم بوصفه نظرياً، وإنكار ذلك يدعو للتوقف عن النقاش معهم. وقد اطلعتُ على بحث قيم للأستاذ الدكتور غانم قدوري حول مخرج الضاد جدير بالعناية والنقاش من رجل متخصص ومنصف وإن كان لم يتلق القراءات بالأسانيد كما وَرَّى به أخي ضيف الله العامري في مداخلته السابقة.

نسأل الله التوفيق للجميع، ونحن في مثل هذا الموضوع نتناقش مناقشات علمية بحتة، فمن لديه إضافة علمية فليكتبها مشكوراً جزاه الله خيراً.

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[28 Jan 2009, 06:09 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

أشكر فضيلة الشيخ المشرف العام على تدخّله المبارك وأريد أن أنبّه فضيلته على أنّ القضية ليست قضية الأخذ بالأسهل والأيسر بل الأمر يتعلّق بقراءة القرءان كما أنزل

والحرص على إصابة الصحيح المقروء به عند سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين إذ لو سلكنا هذا المسلك فإننا سننفكّ تدريجياً عن ما كان عليه الأوائل وحينئذ لا يبق للإسناد دور.

أخي الشيخ عبد الرازق لا أقصدك بالرد لأنّك اعترفت أنّ الضاد التي نسمعها اليوم مخالفة لمضمون النصوص المعتبرة، وهذا الذي حملك على الاستدلال بمسألة الطاء لترجيح الضاد الدالية، وهذا يكفيني اتجاهك وأعتبرك منصفاً في المسألة خلافاً لمن يعتبر أنّ الضاد المنطوق بها اليوم تطابق النصوص، وهؤلاء هم الذين أقصدهم. ولكن لا أتصوّر في ذهني من ينتصر لمذهب وهو يعتقد أنّه مخالف لما كان عليه أهل القرون المشهود لها بالخيرية والأئمّة من بعدهم ويريد مع ذلك الانتصار على أساس ما هو مشهوراً اليوم. أيمكن أن نقول من خلال هذا أنّ القراءة سنة متبعة أو أنّها مشهورة ومتواترة على المراد الصحيح، والو رجعنا إلى المراد الصحيح للتواتر لتبيّن بطلانه.

وكلّ ما استدلت به يا أخي الشيخ قد تعرّضتُ له معك من قبل وإنّما أريد أن ألفت نظرك إلى أنّ هذا العلم يفتقد إلى التأصيل العلمي فلا ينبغي الاستدلال بالنصوص في بعض المسائل دون البعض وإن كان الاعتبار بالتلقي فينبغي طرح جميع النصوص والاكتفاء بالمشافهة وفي هذه الحالة أترك فضيلتك تفكّر فيما سيترتّب على ذلك,

لو سألتك: هل قراءتك تطابق قراءة شيخك مائة بالمائة؟ قد تكون قراءتك أتقن من شيخك إن قرأت على غيره من المتقنين أو ممن هو أتقن منه أو كنت أدرى منه مع المهارة العملية إذ الدراية تحرص المشافهة، وقد تكون قراءتك أقلّ إتقاناً منه. إذن فيستبعد أن تطابق قراءتك قراءة شيخك. ودليلي في ذلك الواقع. إذن فالإسناد هي شهادة فقط لا تضمن مطابقة قراءة التلميذ بقراءة الشيخ. فإن كان كذلك بين الشيخ وتلميذه فما بالك بقراءتنا مقارنة مع قراءة القدامى وقراءة السلف.

وهذا يقال في إجازة المتون، فكم من شيخ يعتمد على المخطوط الموثّق ثمّ يجيز بذلك المتن المحقق ويعدل عن الذي قرأ به على شيخه بالسند المتصل فيتغيّر المتن المتلقى على ضوء ما ثبت وصحّ وقُطع بصحّته. إذن فالإجازة في ذلك المتن هو مجرّد شهادة تدلّ أنّ التلميذ قرأ المتن على الشيخ وأنّ الشيخ قرأ المتن على شيخه بالسند ولا تدلّ على المطابقة القراءة للمتن في كلّ سلسلة الإسناد. إذن فالسند والإجازة تدلان على القراءة المسندة ولا تدلاّن على المطابقة إذ كلّ بحسب ذكاءه ومهارته ودرايته إذ الناس يتفاضلون في العلم والفضل كما تفاضل الصحابة والتابعون والذين من بعدهم. ولمّا كان الأمر كذلك قام الجهابذه بالتدوين والتاليف لصيانة القرءان مما هو مجبور عليه ابن آدم وهو الغفلة والخطأ والنسيان.

لذا فلا يمكن الاعتماد على المقروء به اليوم من غير تمحيص، والتمحيص لا يكون إلاّ عن طريق النصوص المعتبرة ولا يتأتّى ذلك إلاّ لمن أخذ حظاً وافراً من هذا العلم رواية ودراية.

أخي الشيخ لا تهمني مسألة الضاد كما يهمّني مستقبل هذا العلم إن عطّلنا النصوص واعتمدنا على السائد من غير أيّ تمحيص.

أظنّ أنّك فهمت المقصود.

ما كنت أظنّ أنّك ستردّ عليّ بهذه السرعة وكأنّني تحت المجهر إن خرجت من الجُحر تتساقط عليّ القنابل

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015