وقال ابن وثيق الأندلسي (654هـ) عن الضاد: (وقَلَّ مَنْ يُحكمُها من الناس).

وكان ابن الجزري (833هـ) قد حدد الأصوات التي يتحول إليها الضاد على ألسنة المعاصرين له فقال في النشر: (والضاد انفرد بالاستطالة، وليس في الحروف ما يعسر على اللسان مثله، فإن ألسنة الناس فيه مختلفة، وقل من يحسنه، فمنهم من يخرجه ظاءً.

ومنهم من يمزجه بالذال.

ومنهم من يجعله لاماً مفخمة.

ومنهم من يشمه بالزاي. وكل ذلك لا يجوز). النشر 1/ 219

وقال ابن الجزري في التمهيد 140 - 141: (واعلم أن هذا الحرف ليس من الحروف حرف يعسر على اللسان غيره، والناس يتفاضلون في النطق به:

فمنهم من يجعله ظاء مطلقاً ... وهم أكثر الشاميين وبعض أهل المشرق.

ومنهم من لا يوصلها إلى مخرجها، بل يخرجها دونه ممزوجة بالطاء المهملة، لا يقدرون على غير ذلك، وهم أكثر المصريين وبعض أهل المغرب.

ومنهم من يخرجها لا ماً مفخمة، وهم الزيالع ومن ضاهاهم).

ويقول ابن غانم المقدسي في (بغية المرتاد لتصحيح الضاد): (فليعلم أن أصل هذه المسألة أنهم ينطقون بالضاد ممزوجة بالدال المفخمة والطاء المهملة، وينكرون على من ينطقون بها قريبة من الظاء المعجمة، بحيث يتوهم بعضهم أنها هي، وليس كما توهمه).

وجعل الفصل الثاني من رسالته (في ما يدل بالتصريح على أن التلفظ بالضاد شبيهة بالظاء هو الصحيح، وهو المنقول من كلام العلماء الفحول المتلقى كلامهم بالقبول).

وختم ابن غانم المقدسي الرسالة بقوله:

(إن من ينطق بالضاد من مخرجها الخالص، مع صفاتها المميزة لها حتى عن الظاء، فهو في أعلى مراتب النطق بها ومن الفصاحة.

ودونه من ينطق بها من مخرجها مشوبة بالظاء، لكن من مخرجها وبينها نوع فرق.

ودونه من ينطق بها ظاء خالصة.

ومن يشمها الدال.

ومن يشمها الزاي.

ومن يجعلها لاماً مفخمة.

وكذا من ينطق بالضاد طائية، فهو في أسفل مراتب النطقية بالنسبة إلى من سبق ذكره. أهـ.

وأكد محمد المرعشي ساجقلي زاده هذا الاتجاه في رسالته (كيفية أداء الضاد)، فقال: (وأما المقصد فهو أن ما شاع في أكثر الأقطار من تلفظ الضاد المعجمة كالطاء المهملة في السمع بسبب إعطائها شدة وإطباقاً كإطباق الطاء وتفخيماً بالغاً كتفخيمها خطأ بوجوده).

وقال المرعشي في كتابه النفيس (جهد المقل) ص169 - 170: (ليس بين الضاد المعجمة والطاء المهملة تشابه في السمع، وإلا صرحوا به، ولا تقارب في الصفة لأنهما وإن اشتركا في الإطباق والاستعلاء والتفخيم لكنَّ إطباق الطاء أقوى كما سبق، وإن الضاد رخو والطاء شديد، وليس في الضاد قلقلة بخلاف الطاء، وأن الضاد تجد منفذاً بين من بين الأضراس، ولا ينضغط فيها الصوت ضغط حروف القلقلة كما صرح به الرضي، وفي الضاد استطالة بخلاف الطاء المهملة مع أنهما غير متحدين في المخرج.

وليس الفارق بين الضاد والظاء المعجمتين إلا الاستطالة والمخرج، ولذا قال ابن الجزري:

والضاد باستطالة ومخرج ** ميز عن الظاء ...

فما اشتهر في زماننا هذا من قراءة الضاد المعجمة مثل الطاء المهملة فهو عجب لا يعرف له سبب).

ويمكن أن نلخص أقوال العلماء في كيفية النطق بالضاد في القرون السابقة فيما يلي:

أولاً: صعوبة نطق الضاد التي وصفها سيبويه.

ثانياً: انحراف ألسنة الناطقين عن نطق الضاد القديمة إلى نطق أصوات أخرى مكانها.

ثالثاً: لم يتحول صوت الضاد على ألسنة الناطقين بالعربية في العصور المتلاحقة إلى صوت معين واحد، وإنما ظهر في أصوات متعددة، منها:

- الظاء.

- اللام المفخمة.

- مزجها بالذال، أو بالزاي.

- مزجها بالدال والطاء (الضاد الطائية).

رابعأً: كان علماء التجويد المتأخرون أشد إنكاراً لنطق (الضاد الطائية) مكان الضاد القديمة، من إنكارهم لنطق الأصوات الأخرى البديلة عن الضاد.

خامساً: إن اعتبار (الضاد الطائية) في زماننا هي الضاد التي يجب أن ينطقهاقراء القرآن يثير مفارقة كبيرة بين موقف علماء القراءة في زماننا وموقفهم قبل قرنين أو ثلاثة، من هذه المسألة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015