وأختم بأن القراء المصريين قد انتشروا في الأرض وأصبح غالب القراء يقرا بقراءة أهل مصر، ولذلك تجد التثريب الشديد على من يخالفهم، والسخرية منه، ومن يقرأ ما كتب في الرد على مخالفهم في النطق بالضاد يجد مصداق ذلك، والأمر فيه سعة، والخلاف في نطق الضاد قديم كما لاحظنا، والفقهاء اختلفوا في ذلك كذلك كما نقل الشيخ عبدالله بلقاسم وفقه الله.
فلماذا لا تناقش مثل هذه المسألة بطريقة علمية تورد فيها الأدلة، وتتبادل فيها الآراء بدون تعصب لراي بغير دليل. ولا سيما أن دافع الفريقين هو المحافظة على كتاب الله، ودفع الشبهة عنه. وكل فريق يقول أنه تلقى هذه الضاد بالإسناد، والذين يشككون في عدم وجود إسناد للضاد المخالفة للنطق السائد غير منصفين، لأن كل من يقرأها كذلك يقول هكذا أخذتها عن شيخي.
والأخذ عن الشيخ في هذه المسألة ليس دليلاً فاصلاً لأن كل فريق يستدل به، ولا سيما أن الخلاف مسطور في كتب العلماء من قديم، وليس ابن غانم المقدسي ولا ساجقلي زاده هما أول من قال بذلك كما ذكر صاحب (إعلام السادة النجباء). بل رأينا كلام مكي بن أبي طالب وغيره في ذلك.
وقد قال ابن مكي الصقلي المتوفى سنة 501هـ في كتابه تثقيف اللسان: (حتى لا نكاد نرى أحداً ينطق بضاد، ولا يميزها من ظاء، وإنما يوقع كل واحدة منهما موقعها، ويخرجها من مخرجها الحاذق الثاقب، إذا كتب أو قرأ القرآن لا غير، فأما العامة وأكثر الخاصة فلا يفرقون بينهما في كتاب ولا قرآن). ص 91
وللحديث عن الضاد عند القراء المعاصرين مشاركة أخرى، بعد أن نقرأ رأي المشايخ الكرام كالدكتور إبراهيم الدوسري حفظه الله، وهو صاحب خبرة بالشيخ المتولي الذي حدثت له حادثة مع أحد من ينطقون الضاد بخلاف الضاد التي يقرأ بها القراء المصريون المشهورون عام 1293هـ، وكان المتولي وقتها شيخاً للمقارئ المصرية فرفع أمره إلى الأستاذ الأكبر الشيخ محمد المهدي العباسي، فاستحضره واستتابه فلم يتب فحكم بنفيه!!! [انظر إعلام السادة النجباء ص 29 - 31].
والغرض من هذه المناقشة الوصول إلى رأي مقنع منصف في هذه المسألة إن شاء الله، بدون تعصب لرأي سابق، لأنني لاحظت أن الغضب يطغى على النقاشات في هذا الموضوع عند الفريقين فلعل النقاش في ملتقى أهل التفسير يأخذ طابعاً علمياً يوصل إلى رأي سديد إن شاء الله.
****
انظر: كتاب (أبحاث في علم التجويد) للدكتور غانم قدوري الحمد وفقه الله 146 - 159
ـ[إبراهيم الدوسري]ــــــــ[19 May 2003, 10:33 م]ـ
ماذا بعد الضاد؟؟
وإذا لكل حرف مخرج وصفة فإن له معنى لا يكتمل الأجر ولا يتحقق مقصد القرآن الكريم إلا به، والقراءة سنة متبعة، والجدل في مثل هذه القضايا لم يكن محل عناية السلف رحمهم الله، وإثارة هذه القضايا مضيعة لمقاصد التجويد وآدابه، وسبب للفرقة والخلاف بين أهل القرآن.والله من وراء القصد.
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[07 May 2005, 02:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لفت نظري الحوار الدائر حول صوت الضاد في ملتقى أهل التفسير، وتَعَدُّدِ وجهات النظر حوله، ولا شك في أن ما كُتِبَ يشير إلى وجود مشكلة حقيقية في نطق هذا الصوت، لكن تناول الموضوع اختلط فيه الحديث عن الحكم الفقهي بالحديث عن التوصيف الصوتي، كما اختلطت فيه العاطفة أحياناً بحقائق العلم.
وأحسب أن مما يُسَهِّلُ تناول الموضوع ويقرِّبُ وجهات النظر حوله تقسيمه على محاور، منها:
1. تحديد المشكلة الصوتية في نطق الضاد.
2. البحث عن حل علمي للمشكلة.
3. بيان الحكم الفقهي في المسألة.
وما ورد في النقاش حول قضية الضاد في الملتقى، لا سيما ما ذكره الأخ عبد الرحمن الشهري في تعليقه على الموضوع، يوضح كثيراً من أبعاد المشكلة، ويقرِّب من الوصول إلى حل لها، وسوف أقتصر في تعليقي هذا على النقطتين الأولى والثانية، وأدع بيان الرأي الفقهي لأهل الاختصاص.
أولاً: تحديد المشكلة:
تتلخص مشكلة صوت الضاد في عدم انطباق وصف الضاد في كلام علماء اللغة العربية وعلماء القراءة والتجويد المتقدمين على نطق الضاد الفصحى في زماننا، إلى جانب تعدد صور نطق الضاد على ألسنة الناطقين بالعربية اليوم.
¥