ثانيا: استعمال لفظ التقديس، واتهام من يجل أقوال الصحابة به، لا وجه له، فالقداسة والعصمة مناقضة لما عليه أهل السنة والجماعة من القول بوقوع الخطأ والمعصية من الصحابة. أما اعتبار أقوال الصحابة، وان لها قيمة ليست لغيرهم سواء اتفقوا أو اختلفوا فلا علاقة لها بالتقديس لا من قريب ولا من بعيد. قال تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} والصحابة رضي الله عنهم خير المؤمنين بعد الأنبياء عليهم السلام، فسبيلهم واجب الإتباع، وهم خير قرون الأمة، فأقوالهم ليست كأقوال من جاء بعدهم. والله أعلم.

وفق الله الجميع لكل خير، ونفع بهم، وجمعهم على الحق، وعصمهم من الضلال.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا

أخوك/ محمد اليمني

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Feb 2010, 10:57 م]ـ

تعقيب الدكتور جمال الدين عبدالعزيز الشريف على المناظرة

هذه تعليقات على المناظرة التي جرت بين أخوينا أبي حسان ونايف الزهراني، والتي كان فيها الحق مع الأخ الزهراني بصورة واضحة في أكثر الأحوال؛ وقبل طرح هذه التعليقات ينبغي مناقشة المفاهيم التي تكون منها العنوان؛ لأنه بذلك تتبين بعض الأمور في هذه المناظرة

مناقشة العنوان:

الأخ أبو حسان سمى طرحه (الإغراق في السلفية ومحاربة العقل والتجديد) كأنما جعل السلفية في مقابل العقل والتجديد أي: هي عنده اللاعقل والجمود

وتلك إذن قسمة ضيزى

فالذي يقول بالتجديد " بمفهوم أبي حسان طبعا " كما هو مشاهد في واقعنا الفكري يأتي في الغالب بما تأباه العقول السليمة ويرفضه المنهج العلمي

.كما أن السلفية – خلافا لأبي حسان - لا تعني بحال عدم إعمال العقل

ولكن الأخ أبا حسان كما هو واضح من عنوانه جعل مفهوم " السلفية " بعيدا جدا عن العقل والتفكير، وليته توقف عند هذا الحد بل تراه يدخل في مسألة اللا عقل والجمود حتى أئمة الإسلام نحو أحمد بن حنبل وابن تيمية وغيرهما، ومعلوم أن هولاء أكثر الناس إعمالا للعقل والتفكير، وما زلت أذكر عمق تفكير ابن تيمية وكسره للمنطق الأرسطي وفضله الكبير في بلورة المنهج العلمي الذي تولدت منه كافة العلوم المعاصرة، وكسر ابن تيمية للمنطق كان له كبير الأثر في رواد النهضة الأوربية نحو فرانسيس بيكون وروجر بيكون وجون ستيورات وغيرهم، وأعرف رجلا كان موضوع رسالته للدكتوراه بإنجلترا حول هذا الموضوع؛ وليس ذلك فحسب بل لم يجد الشيخ مصطفى طباطبائي - وهو شيعي معروف - في كتابه "المفكرون المسلمون في مواجهة المنطق اليوناني" من المفكرين المسلمين من واجه هذا المنطق الصوري وانطلق إلى المنهج العلمي الصحيح كما فعل ابن تيمية، وليس هنا موضع تفصيل ذلك.

معنى السلفية:

السلف هم الصحابة، والسلفية هي اتباع هولاء رضي الله عنهم، واتباع الصحابة في التفسير وغيره واجب وذلك لأسباب كثيرة مهمة ذكرها العلماء ولن أسردها هنا؛ وإنما سأبين بعض الأمور البسيطة المتعلقة بالتفسير، والفرق بيننا وبينهم في ذلك؛ ومن تلك الفروق الآتي:-

1 - لا شك أن الصحابة - الذين هم خير الناس لاعتبارات كثيرة - قد نزل القرآن بلسانهم، ومعلوم أن هذا اللسان قد تغير مع مر العصور تغيرا شديدا في خصائص أساليبه وطرائق تعبيره ومعاني مفرداته؛ يقول أبو عمرو بن العلاء - في العصر العباسي -: (اللسان الذي نزل به القرآن وتكلمت به العرب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم عربية أخرى غير كلامنا هذا) ويقول الخطابي: (وقد زعم بعضهم أن كلام العرب كان باقياً على نجره الأول وعلى سنخ طبعه الأقدم إلى زمان بني أمية ثم دخله الخلل فاختلّت منه أشياء) وإذا كان الأمر كذلك فلا يمكن بحال أن يكون فهمنا للقرآن مقدماً على فهم الصحابة؛ فنحن لا ندرك هذه اللغة – وهي لغة واسعة – إلا تعلماً؛ رغم أننا نتحدث بلهجات مشتقة منها، وكلما تعلمنا فيها الكثير علمنا أن ما فاتنا فيها أكثر وأعظم، وأذكر أن البروفسير عبد الله الطيب – وهو من أعلم علماء العصر بالعربية وهي لسان أمه كما يقولون – كان يقول أجيد الإنجليزية والفرنسية والألمانية وقليلا من العربية؛ فهو لسعة علمه في العربية علم مدى جهله بها، وهذه أمور عميقة يعرفها العلماء لا

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015