ـ[أبو حسان]ــــــــ[18 Feb 2010, 09:12 م]ـ

نزولاً عند رغبة أخي المشرف الدكتور عبد الرحمن فقد اختصرت كل ما أريد أن أقوله، وسيكون مجموعاً في هذه المشاركة لنختم به هذا الحوار.

من الأدلة على بطلان القاعدة المزعومة:

1 - أنه لا يوجد دليل من كتاب أو سنة يدل على أنه لا يجوز الخروج عن أقوال الصحابة في التفسير، كما أنه لا يوجد دليل من كتاب أو سنة يدل على أن الحق لا يخرج عن أقوال الصحابة في فهم وتفسير القرآن، والأدلة التي يذكرها من يعتقد ذلك كلها أدلة تدل على فضلهم لا على علمهم، وليس بين الفضل والعلم أي ارتباط.

وأتحدى – بلغة صاخبة - هؤلاء السلفيين أن يأتوا بدليل واحد من كتاب أو سنة يحرم الخروج عن أقوال الصحابة في التفسير، أو يوجب الأخذ بأقوالهم وطرح ما سواها.

2 - أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنهم كانوا يحرمون الخروج عن أقوالهم.

3 - أن الصحابة كانوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يفسرون بعض الآيات فيخطئون في تفسيرها فيصحح لهم النبي صلى الله عليه وسلم فهمهم، وهذا دليل على أن تفسيرهم مبني على الاجتهاد البشري المحض، وأنه قابل للخطأ والصواب فكيف يكون حجة يحرم مخالفته.

4 - أن الصحابة يختلفون أحيانا في تفسير بعض الآيات اختلاف تضاد، فكيف تكون جميع أقوالهم حقاً، إذ الحق لا يتضاد ولا يختلف.

5 - أن المنع من إحداث قول خارج عن أقوالهم أوقع المانعين في حرج شديد أمام المعاني القرآنية التي لم تُفهم إلا في أزمنة متأخرة، وعلى سبيل المثال: هناك الإعجاز العلمي في القرآن والذي كشف معاني جديدة لبعض آيات القرآن لم يكن الصحابة يعلمون بها، لأن معطيات الزمن عندهم لم تساعدهم على فهم هذه الحقيقة التي أشار لها القرآن الكريم، وهذا من أكبر الأدلة الحسية على بطلان هذه القاعدة المزعومة، لذلك وجدنا هؤلاء السلفيين يقصون هذا العلم ويحاربونه أي محاربة لأن إقرارهم ولو بشيء يسير منه يعني إبطال قاعدتهم المزعومة، وهذه مشكلة التقعيدات التي ما أنزل الله بها من سلطان، كم أضرت بهذا الدين؟ وكم جنينا من الويلات بسبب تأصيلات سُلمت على أنها في مقام نصوص الوحيين فجرت الويلات على الأمة، وأكبر شاهد على ما أقول فتنة التكفير التي نصطلي بلظاها اليوم دون أن نجرأ على تحليلها أو محاولة معرفة أسبابها.

6 - أن القول بأنهم يعلمون جميع معاني القرآن قول لا يستند إلى أي دليل من أثر أو معقول، بل الواقع يشهد بخلاف ذلك.

7 - أن القول بتحريم الخروج عن أقوالهم في التفسير فيه إضافة قدسية وعصمة للصحابة، وهو نوع من الغلو الذي حذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم.

8 - أن بعض معاني القرآن الكريم قد خفيت على الصحابة وفسروها تفسيرا فيه اختلاف كبير ولا ثمة دليل على ترجيح قول دون قول مما اضطر بعضهم للتوقف في تفسيرها، فكيف يُمنع بعد هذا أن يجتهد من جاء بعدهم في محاولة إيجاد تفسير جديد لم يهتد له الأوائل.

9 - أن الصحابة لم يتناولوا جميع القرآن بالتفسير، وإنما كانوا يفسرون ما يحتاج إلى تفسير دون توسع، وعليه فالقول بمنع الخروج عن أقوالهم يلزم منه ترك كثير من آي القرآن بلا تفسير، وهذا خلاف مقصد القرآن.

وأما تعليل أخي أبي بيان ((بأنه لا يجوز أن يغيب عن الصحابة شيء من دين الله فلا يعلموه , أو أن يعلموه فيكتموه عمَّن بعدهم , ومن خالف ذلك لزمه القول بباطلٍ كثير؛ من نحو:

- عدم تمام بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن كما أمر الله -وهذا قدح في النبوة- ,

- وعدم وضوح وبيان القرآن في نفسه وأن منه ما لا يُفهَم -وهذا قدح في القرآن- ,

- وكذا تجهيل الصحابة , أو تخوينهم -وهذا قدح في عدالة الصحابة- ,

.. وغير ذلك ممَّا لا يقول به مسلم)).

فجوابي عليه من وجوه:

أولاً: قوله: ((لا يجوز أن يغيب عن الصحابة شيء من دين الله فلا يعلموه))

أقول: ما دليلك على أنه لا يجوز أن يغيب عليهم شيء من دين الله فلا يعلموه، هذا يُقال في حق النبي صلى الله عليه وسلم، أما الصحابة فكيف نقول هذا في حقهم، وما علاقة هذا بالبلاغ، الصحابة مؤتمنون على نقل الوحيين وهم عدول في ذلك، أما فهمهم للوحيين فهم بشر كغيرهم، ولا يوجد دليل على أن فهمهم هو بمنزلة الوحي ولا يجوز خلافه.

ثانياً: قوله: ((ومن خالف ذلك لزمه القول بباطلٍ كثير؛ من نحو: - عدم تمام بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن كما أمر الله -وهذا قدح في النبوة))

أقول: ما علاقة فهم الصحابة للقرآن بالبيان، وهل تفسير الصحابة كله مأخوذ من النبي صلى الله عليه وسلم حتى تقول ذلك، ولازم هذا القول أن كل ما يقوله الصحابة في التفسير يُعد وحياً معصوما، وهذا هو عين التقديس والغلو فيهم، وهنا أقول كما قلت سابقا أعطوني دليلاً واحدا من كتاب او سنة يدل على أن ما يقوله الصحابة فهو معصوم من الخطأ، وهيهات أن تأتوا بدليل.

ثالثاً: قوله: ((ويلزم منه وعدم وضوح وبيان القرآن في نفسه وأن منه ما لا يُفهَم -وهذا قدح في القرآن-))

أقول هذا مكابرة، فإن الصحابة قد اختلفوا في التفسير وتوقف بعضهم في تفسير بعض الآيات، فماذا يعني هذا عندك؟ أليس هذا دليل صارخ بأن من القرآن مالا يعلمه الصحابة، وأقرب مثال على ذلك الحروف المقطعة هل تجزم بأن الصحابة كانوا يعلمون معناها.

رابعاً: قولك ((ويلزم منه تجهيل الصحابة , أو تخوينهم -وهذا قدح في عدالة الصحابة- ,))

أقول: وهل جهل الصحابي يقدح في عدالته أو يدل على خيانته؟ ولازم قولك أنهم يعلمون كل شيء، ولازمه أيضاً أن كل شي جهلوه أو فسروه بالخطأ فهو خيانة منهم، كلامك مغرق في التشدد والغلو، ولوازمه لو أقررتَ بها خشيتُ عليك من أمور تُخل في الاعتقاد.

والعجب أنكم جوزتم في حق النبي صلى الله عليه وسلم وقوع الذنب منه وتجرأتم في نسبة ذلك إليه، وهو عليه السلام معصوم من مواقعة الذنب، ولم تعطوه حقه الذي يستحقه بأبي هو وأمي، وأما الصحابة فرفعتموهم فوق مكانة النبوة، وأبيتم وقوع الخطأ منهم فضلا عن الذنب، وهذا شبيه بما يقوله الشيعة من خزعبلات وترهات وعصمة لأئمتهم، وسبب ذلك كله الغلو والتعصب ومكر الشيطان فالله المستعان.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015