الحالة الثانية والحالة الثالثة تقسيم ذهني مجرد لا واقع له , وهي مبنية على الرأي الباطل الذي قدمه أبو حسان في موقفه من أقوال السلف في التفسير , وجوابي عنهما هو ما قدمته في القاعدة وشرحها.

ومع أني لا أوافق على هذه القسمة إلا أني سأعلق عليها بقدر الحاجة:

الحالة الثانية:

إذا لم يُنقل التفسير إلا عن أحدهم.

وهذا يعده البعض إجماعا سكوتياً، وأنا لا أُسلم لهذا المصطلح

أهل العلم يفرقون بين القول المشتهر وغيره , وما خُطب به في الناس , وما سار في الأمصار , وما تداولته مجالس الصحابة , ونحو ذلك.

وما دمنا هنا نتكلم عن التفسير فهذا النوع إجماع صحيح , وإن لم تُسمِّه إجماعاً فهو حُجّة لازمة الاتباع والاعتبار؛ وبيان ذلك:

أن قول الصحابي هنا إمّا أن تحتمل الآية غيره , أو لا. فإن احتملت غيره فذاك , وإن لم تحتمل غيره: فإما أن يكون قول الصحابي صواباً , أو لا. فإن كان صواباً فلا إشكال , وإن كان خطأً فإمّا أن يبلغ غيره من الصحابة؛ وهنا لابد من أن ينكر عليه قوله؛ فإنهم لا يسكتون على باطل كما زكاهم الله: {كنتم خير أمّة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} , وإمّا أن لا يبلغ هذا القول الخطأ أحداً من الصحابة , ولا يُنقَل عنهم غيره؛ وهذا من أعظم الباطل أن يُقال: لم يُنقل عن الصحابة غير هذا القول الباطل. ويلزم منه ما سلف في بيان القاعدة.

وأنا لا أُسلم لهذا المصطلح، ولا أعد هذه الحالة من الإجماع، بل هي تابعة للحالة الرابعة وستأتي.

كلما رأيت (أنا) في أوّل كلامك أُشفقُ عليك؛ لأني أعلم أن وراءها عجيبة لا تسر , وهي هنا: أنك لا تسلم بهذا المصطلح ولا تعد هذا إجماعاً.

وأنا أعذرك في ذلك؛ لِمَا بان لنا من فهمك للإجماع ومقدار علمك به , لكن العجب هنا أنك لا تنفك تستدل علينا بهذا النوع؛ فكم ناديت في موضوعك هذا وغيره المشرفين ليناظروك , أو يردوا عنك , وحين تأخر جوابهم أعلنت إقرارهم ورضاهم وعدم قدرتهم على الحوار .. . فكيف تؤاخذهم وتحاسبهم بسكوتهم على ما تراه أنت خطأً , ولا تعتبر ذلك مع الصحابة , مع ما بين الجيلين علماً وديناً؟!

ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[15 Feb 2010, 08:11 م]ـ

الحالة الثالثة:

إذا لم ينقل في تفسير الآية شيء عنهم.

وهذا في حد ذاته يُعد مسوغاً للاجتهاد لمن جاء بعدهم

هذه الحالة خاصة بخيال أبي حسان , ولا يقول بها إلا جاهلٌ بأقوالهم في التفسير , أو مُغالط؛ يعلم ويحيد.

كما بيّن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بينوا لمن بعدهم , وكما نقلوا حروف القرآن نقلوا معانيه؛ بل الحاجة إلى نقل المعاني أمسّ وألزم.

فلا يقول بهذا من يعلم مقدار علم الصحابة وفهمهم ودينهم.

وهذا في حد ذاته يُعد مسوغاً للاجتهاد لمن جاء بعدهم

لا تستعجل على هذه فلم يحن وقتها.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Feb 2010, 08:48 ص]ـ

حتى لا يستمر النقاش إلى أجل غير مسمى، فسوف أتيح للأخ الدكتور أبي حسان الفرصة لكتابة كل ما عنده في الموضوع محرراً في موضوع واحد يستوفي فيه حججه وما يريد قوله، وأرجو ألا يزيد عن يومين أو ثلاثة من اليوم.

ثم أتيح للأخ الشيخ نايف الزهراني المجال للجواب.

ثم نختم هذا الحوار العلمي الذي سمَيناه مناظرة تجوزاً، وربما أطلب من بعض الزملاء في الملتقى التعقيب بأسماءهم على هذا الحوار إن قبلوا ذلك.

وأستميح الزملاء الذين تم استبعاد تعقيباتهم عذراً، حرصاً على بقاء الحوار بين الزميلين.

الثلاثاء 2/ 3/1431هـ

ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[17 Feb 2010, 08:01 م]ـ

الحالة الرابعة – وهي الأهم وهي محور نقاشنا -:

إذا اختلف الصحابة في تفسير الآية على قولين فأكثر، فهل يجوز إحداث قول بعدهم؟

هذه المسألة هي التي سنشبعها بحثاً إن شاء الله تعالى

كلّ من قرأ يعلم أنك ما أشبعتها بحثاً , ولا أحسنت لها ردّاً , وما زلت كما كنت , وحين أقرأ أمانيك هذه أتذكر قول ابن الدّمينة في آخر قصيدة له أكثر فيها من الأماني , ثم قال:

أكثرت من ليتني لو كان ينفعني ... ومن مُنى النفس لو تُعطى أمانيها

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015