خليل مؤقتاً، واتفقنا على أن نبدأ غداً مرحلة جديدة من البحث عن السكن إن شاء الله، في الفندق الذي أنزل فيه تحولت من الغرفة التي نزلت فيها أول أمس إلى غرفة أخرى أقل راحة رغم سعتها، وأنا لو لم أكن أترقب العثور على الشقة لما مكثت في الفندق فترة أخرى.
استمرار البحث عن السكن
الاثنين 3 كانون الأول 1973م = 9 ذو القعدة 1393هـ
مثل ما جرى في اليومين الماضيين، خرجنا مبكرين مع الصباح نبحث عن السكن المناسب، أقول المناسب لأننا الآن نسكن ولكنه سكن غير مناسب، الأخ خليل ضيف عند أصدقاء له، ولا يمكن أن يدوم ذلك له أكثر من هذه الأيام القلائل فهو لا يمكن أن يدرس وهذا حاله والمضيفون قد يملون ذلك رغم الأخوة. وأنا أسكن في لوكاندة أنجلو سويس، في غرفة كبيرة تتناثر في زواياها قطع أخشاب الصاج، أرضها من خشب قد بلي وسرير كبير قد أصبح ظهره تضاريس لا يمكن أن يطمئن عليه النائم، وبصورة عامة فإنه سكن غير مريح، وهو ما يدفعنا إلى التعجيل في العثور على السكن المناسب، كنت أتصور أن أحسن مكان يلائمني هو منطقة المنيرة التي تقع فيها كلية دار العلوم، هذا من الناحية النظرية، أولاً هو قريب، وثانياً قد يكون أقل إيجاراً، ولكنه مكان مزعج كثيراً، وخاصة لمن يبغي الدراسة والإنتاج، ومرة أخرى نجد أنفسنا مع السماسرة مثل سيد وسعد و (أبو المجد)، دخلنا كثيراً من الشقق، وأعجبنا بعضها لكن أسعارها مرتفعة، ارتفاعاً غير معقول خمسين وستين جنيها، ولم نجد بعد كل هذه الجهود في الدوران من حي إلى حي، وكل حين نركب في تاكسي ونسأل في هذه العمارة وتلك، تجاوزنا المنطقة التي كان الأمل معقوداً على أن نجد فيها السكن المناسب إلى أبعد من ذلك، فوصلنا قريباً من جسر الزمالك، في منطقة الإعلام وامتداد شارع 26 يوليو، ووجدنا شقة أعجبتنا على الشارع الرئيس 26 يوليو في الدور الثاني إلا أن أصحابها أبوا إلا أربعين جنيها، أنا أريد أن أسكن في سكن مريح ولكنني دائماً أنظر إلى السعر، أنا لا يمكن أن أتصرف كيف أشاء فربما جر ذلك مزيداً من المصاريف مما لا طوق للأهل به، وعدنا في المساء كل إلى داره على أمل ضعيف، وبانتظار ما سيحمله (أبو المجد) الذي سيقابل أصحاب تلك الشقة، وجاءني (أبو المجد) إلى الفندق في المساء وأخبرني أنهم أبوا إلا أربعين جنيهاً شهرياً، كنا قد رضينا بسبعة وثلاثين جنيها، ولكن (أبو المجد) وعد أن هناك شققاً أخرى سيعرضها علينا يوم غد، وهنا شيء لطيف يذكر وهو أن أبا المجد بدأ يلف ويدور عندما حاول الخروج من الغرفة ومغادرة الفندق (لا مؤاخذة .. ) ومثل هذا الكلام أخيراً صَرَّحَ أنه حضر بتكسي، وأنه (عاوز) أجرة السيارة، لا بأس لعل الله يجعل بعد عسر يسراً!
المنزل الجديد
الثلاثاء 4 كانون الأول 1973م = 10 ذو القعدة 1393هـ
ومع الصباح أيضا خرجنا، والأمل ضعيف بعد تلك الأيام التي قضيناها في البحث، وأسرعنا إلى لقاء أبي المجد، لعلنا نرى ما لديه، ولكنه استقبلنا هاشًّا باشًّا، لا مؤاخذة .. كلمنا الأستاذ كمال حول الموضوع وبعدين وافقوا، ومرة أخرى أجرينا فحصاً للشقة وأحسن ما فيها أنها نظيفة و (فرشها) جيدة، وهي قريبة من عقدة المواصلات، إذ إن هناك عدة سيارات تؤدي إلى ميدان التحرير، وغير التحرير، وأخيراً استقر الرأي على مضض أن نؤجرها، وعلى الله التوكل، رغم أني إلى الآن لم أتأكد من تحقق قبولي في كلية دار العلوم، المهم كتبنا العقد باسم الأخ خليل، وبعد الظهر ذهبت إلى الفندق وجمعت لوازمي وأمتعتي، ودفعت الحساب وكان 5 جنيهات و51 قرشاً، واقتسمنا الشقة بيننا، فيها غرفتان للنوم لكل واحد غرفة، وفيها صالة وحمام ومطبخ، الحق أني عندما وضعت كل شيء في مكانه من الغرفة شعرت براحة لم أجدها منذ أن نزلت في مصر، فكأنما كنت حاملاً حقائبي الثلاث وأدور بها في مصر، واليوم آن لها ولي أن يجلس كل منا ليستريح، واليوم وبعد اليوم سأتمكن من أن أفتح وأتصفح وأقرأ في الكتب، وأن أجد الأشياء مهيأة، فقد ذهب الأخ خليل اليوم إلى امرأة (شغالة) يعرفها منذ السنة الماضية زوجها حاج، وأنها لا تشتغل في أي مكان، على أساس أن تأتي وتشتغل لنا في السكن، الطبخ والتنظيف وغسل الملابس، وعلى هذه الطريقة ربما ستتضاعف المصروفات أو تزيد، ولا بد
¥