"والجواب الصحيح: ان أهل الكتاب وبنص القرآن ذاته: (ليسوا سواء)، فان منهم المؤمن ومنهم الكافر، قال تعالى:
(لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)
وقال كذلك: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}، أي أن منهم من يؤمن بالله واليوم الآخر، وليسوا جميعا من الكافرين
كما قال تعالى: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} "
يا أخانا الكريم المؤمنون منهم ليسوا داخلين في موضوع النقاش فالمؤمنون منهم موحدون.
فلماذا تدخلهم في الموضوع وهو عن الذين كفروا من أهل الكتاب؟
وتقول:
"وقد أشرت فى مداخلة سابقة الى أن نصوص الكتاب والسنة قد دلت على وجود فرق بين أهل الكتاب وغيرهم من الكفار في بعض الأحكام والتى منها: حل ذبائحهم، وحل نسائهم العفيفات، وذلك بخلاف سائر طوائف الكفار من المجوس وعبدة الأوثان وغيرهم، فلا تحل ذبائحهم، ولا نسائهم للمسلمين، وهذا متفق عليه بين العلماء، ومن ذلك أن الجزية لا تؤخذ إلا من اليهود، والنصارى، والمجوس على قول أكثر أهل العلم"
وقد أجبتك وأعيد:
إن تخصيصهم ببعض الأحكام لا ينفي عنهم وصف الشرك.
وتقول:
"وقد قال الامام ابن حزم- رحمه الله - فى (مراتب الإجماع): " اتفقوا علي تسمية اليهود والنصاري كفارا، واختلفوا في تسميتهم مشركين، واتفقوا أن من عداهم من أهل الحرب يسمون مشركين "
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية- رحمه الله - فى (مجموع الفتاوي):
(الشرك المطلق في القرآن لا يدخل فيه أهل الكتاب , وإنما يدخلون في الشرك المقيد) "
وقد ذكرت لك الأدلة الصريحة على شركهم.
وأما قول شيخ الإسلام فإنما أورده في سياق الرد على من يرد ما خصهم الله به من أحكام والشيخ رحمه الله تعالى لا ينفي عنهم الشرك وإنما قال إن أصل ديانتهم التوحيد وهم خرجوا عن هذا الأصل وهذا نص كلامه:
"وَإِنَّمَا يَدْخُلُونَ فِي الشِّرْكِ الْمُقَيَّدِ قَالَ تَعَالَى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} فَجَعَلَ الْمُشْرِكِينَ قِسْمًا غَيْرَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} فَجَعَلَهُمْ قِسْمَا غَيْرَهُمْ. فَأَمَّا دُخُولُهُمْ فِي الْمُقَيَّدِ فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} فَوَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ. وَسَبَبُ هَذَا أَنَّ أَصْلَ دِينِهِمْ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ الْكُتُبَ وَأَرْسَلَ بِهِ الرُّسُلَ لَيْسَ فِيهِ شِرْكٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلَّا نُوحِي إلَيْهِ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} وَقَالَ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} وَلَكِنَّهُمْ بَدَّلُوا وَغَيَّرُوا فَابْتَدَعُوا مِنْ الشِّرْكِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ اللَّهُ سُلْطَانًا فَصَارَ فِيهِمْ شِرْكٌ بِاعْتِبَارِ مَا ابْتَدَعُوا؛ لَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الدِّينِ."
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 9 / ص 240) ترقيم الشاملة غير موافق للمطبوع.
وتقول:
"كما أن القرآن حين جمع طوائف الموحّدين معا جعل منهم النصارى فقال تعالى:
¥