كما أن القرآن حين جمع طوائف الموحّدين معا جعل منهم النصارى فقال تعالى:

" إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون "، فقوله تعالى: " عند ربهم " يفيد أن لهم جميعا رب واحد يدينون له بالعبادة

وكذلك قال تعالى:

«ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا»

فهنا نجد أن القرآن الكريم قد ساوى بين كنائس النصارى ومساجد المسلمين من حيث أن فى كليهما معا يذكر اسم الله كثيرا، بخلاف معابد الوثنيين

وكذلك قال تعالى: " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. ولتجدَنَّ أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى، ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون "

فهنا كذلك نجد أن القرآن الكريم قد فصل - و بوضوح تام - اليهود والمشركين عن النصارى واصفا اياهم بأنهم أقرب الناس - على الاطلاق - مودة للمسلمين

وخلاصة القول أنهم ليسوا سواء، وأن من الخطأ - بل من الظلم الفادح لهم - تعميم الحكم عليهم ووضعهم جميعا فى سلة واحدة أو فى مربع واحد

هذا هو أخى الكريم القول الصحيح فيهم لأنه يوافق ما دلت عليه آيات القرآن الكريم والتى ذكرت لك بعضا منها فحسب لا كلها

أما الآيات التى ذكرتها أنت فى مداخلتك السابقة للتدليل على شركهم جميعا بالله جل وعلا فان من الخطأ فهم تلك الآيات على أنها أحكام عامة ومطلقة أو تفسيرها بمعزل عن سياقها التاريخى وملابساتها الزمنية المحددة والمعروفة تاريخيا والتى يطلق عليها الفقهاء أحيانا (علم أسباب النزول) وان كان ما أعنيه هو أمر أعم وأشمل من أسباب النزول، لأنه يتعلق بتاريخ الملل والمذاهب والنحل والفرق، و تطورها التاريخى وتوزيعها الجغرافى، وسوف أتعرض لبيان ذلك الأمر بشىء من التفصيل فى مداخلة قادمة ان شاء الله

والله هو الهادى الى سواء السبيل

ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[28 عز وجلec 2009, 11:18 م]ـ

- 2 -

وقبل الشروع فى بيان ما وعدتك به أخى حجازى فانه يمكن أن أقول لك بأسلوب آخر:

ان ما بينى وبينك من اختلاف فى الرأى بصدد الموقف من أهل الكتاب انما هو اختلاف يعكس أو يماثل اختلاف مشاهير الفقهاء فى نفس المسألة

ذلك أن ما ذهبت أنت اليه أخى الكريم هو نفس ما ذهب اليه من قبل الأمام الشافعى يرحمه الله

بينما ما ذهبت أنا اليه يمثل رأى الامام أبى حنيفة النعمان يرحمه الله

ففى الأمر متسع لكلينا معا

ولله در القائل: " اختلاف الفقهاء رحمة "

وعليه يكون الفصل فى هذا الأمر غير مقطوع به بالاعتماد على ظاهر النص وحده، وانما يجب معه الاجتهاد، لأن النصوص ذاتها تحتمل الاجتهاد وتسمح به من حيث كثرتها وتنوعها، فأنت قد قدمت نصوصا لتدلل بها على صواب رأيك

وكذلك فعلت أنا بالمثل مقدما نصوصا أخرى غير التى قدمتها أنت لأدعم بها رأيى

وقد يبدو للوهلة الأولى أنه يوجد تعارض حاد ما بين مجموعتى النصوص هنا وهناك، ولكن فى الامكان التوفيق بينهما، وذلك من خلال الاجتهاد وتوسيع دائرة البحث والتحقيق

وهذا ما انشغلت به طيلة الأيام الثلاثة الماضية، وقد انتهيت الى صياغة نظرية شاملة توفق بين كافة النصوص المتعلقة بأهل الكتاب وموقف القرآن منهم، وهى نظرية أحسب أنها سترفع اللبس الكبير المحيط بتلك المسألة

ولسوف أعرضها فى مداخلة قادمة - اليوم أو غدا - باذن الله وسأنتظر بعد ذلك رأيكم فيها

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 عز وجلec 2009, 12:35 ص]ـ

أخانا الفاضل العليمى

تقول:

"أهل الكتاب ليسوا سواء"

وأنا معك

أهل الكتاب ليسوا سواء.

وتقول:

"أخى الكريم حجازى الهوى

سلام الله عليك ورحمته وبركاته

ثم أما بعد، أراك قد أطلقت الحكم وعممته ليشمل كل أهل الكتاب فى كل العصور والأزمنة وفى كافة البقاع والأمكنة"

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

نعم أخي الكريم الحكم يشمل الذين كفروا من أهل الكتاب وهذا محل النقاش

وتقول:

"فهل هذا هو حقا موقف القرآن منهم؟ هل يعتبرهم جميعا مشركين وبلا أدنى تمييز أو استثناء؟ "

موقف القرآن من الذين كفروا من أهل الكتاب واحد فكلهم مشركون.

وتقول:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015