فمن المقرر فى عقيدتنا أن يوم القيامة هو يوم الحساب وهو يوم الفصل الذى ينال فيه كل انسان جزاءه على ما اقترف من أعمال فى الحياة الدنيا

ومن المقرر عندنا كذلك أن الذى يفصل بين العباد ويحكم بينهم ويثيب ويعاقب هو الله عز وجل بلا منازع ولا شريك

أما اذا طالعنا اللاهوت النصرانى فسوف نجد أن الأمر فيه بخلاف ذلك تماما، حيث نجد أن (يسوع المسيح) والذى هو المسيح عيسى عندنا هو الذى يدين الناس يوم القيامة، وهو الذى يحكم عليهم اما بالعذاب واما بالمغفرة، وهما الأمران اللذان ذكرتهما الآية الكريمة:

" ان تعذبهم. . وان تغفر لهم. . " فالآية قد خصت هذين الأمرين تحديدا بالذكر

هذا التخصيص الذى جاء على لسان المسيح نفسه على وجه التحديد انما جاء هكذا لتفنيد مزاعم القوم فيه من كونه هو الديان من دون الله، وهى المزاعم التى وردت فى انجيل يوحنا، وفيما يلى مقتطفات منه مع تعليقات عليها لواحد من أكبر علماء اللاهوت النصرانى وهو الأب (متى المسكين) فى كتابه الضخم (شرح انجيل القديس يوحنا - الجزء الأول)، حيث جاء فى صفحة 352 منه ما يلى:

((يوحنا 5: 22: " لأن الآب لا يدين أحدا، بل قد أعطى كل الدينونة للابن "

التعليق: الذى يقيم الموتى (الابن) له أن يحاسبهم، هذه حتمية الامتياز الذى أعطى للابن، اذن فالذى يقيم من الموت هو الذى يغفر الخطايا، والذى يغفر يدين، لأن الذى يحيى يميت أيضا!!

أما قول المسيح أنه قد أعطى ((كل)) الدينونة، فمعناه أنه قد تولى الحكم هنا وهناك، على الأرض وفى السماء))

وفى صفحة 353 يقول:

((اذ أعطى الله الابن سلطانا لكى يشفى ويحيى ويقيم من الموت، تحتم أن يعطيه أيضا سلطانا لكى يدين، لأن غفران الخطايا هو الجزء الأعظم من سلطان القاضى أو الديان))

وفى صفحة 363 يقول:

((يوحنا 5: 27: " وأعطاه سلطانا أن يدين أيضا لأنه ابن الانسان "

التعليق: هنا امتياز الدينونة أخذه المسيح باعتباره " ابن الانسان " حسب القراءة اليونانية الصحيحة بدون التعريف ب " ال " حتى لا يفيد شخص المسيح بل الجنس، أى أنه يدين كانسان!

وهذا المعنى يحمل منتهى العدالة الالهية اذ جعل الديان الذى يقضى لبنى الانسان هو " ابن الانسان " أى من جنس من يقضى لهم))

وفى صفحة 367 يقول:

((ويعود القديس بولس الرسول يؤكد حتمية وقوفنا أمام الديان (المسيح) بقوله:

" لأنه لا بد أننا جميعا نظهر أمام كرسى المسيح لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرا كان أم شرا " (2 كو 5: 10)

بطرس الرسول أيضا يشترك فى هذا التأكيد عينه بقوله:

" الذين سوف يعطون حسابا للذى هو على استعداد أن يدين الأحياء والأموات " (1 بط 4: 5)

ويحدد بولس الرسول هذا اليوم الذى للدينونة بيوم ظهور المسيح هكذا:

" أنا أناشدك اذا أمام الله والرب يسوع المسيح العتيد أن يدين الأحياء والأموات عند ظهوره وملكوته " (2 تى 4: 1)

كما استقر الايمان الأول فى الكنيسة بأن المسيح ك " رب " هو الذى سيضطلع بالدينونة، وذلك من فم المسيح نفسه:

" وأوصانا أن نكرز للشعب ونشهد بأن هذا هو المعين من الله ديانا للأحياء والأموات " (أع 10: 41 - 42)))

اكتفى بهذا القدر الآن، وقد يكون لى عودة ان شاء الله تعالى لبيان المزيد حول هذا الأمر، والسلام عليكم

ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[23 عز وجلec 2009, 04:23 م]ـ

علمنا مما سبق أن الآيات الكريمة التى سجلت حوار الله تعالى مع المسيح فى ختام سورة المائدة كان من أهدافها ومراميها نفى عقيدة النصارى فى المسيح بوصفه ديانا للناس يوم القيامة وارجاع الأمر كله لله عز وجل بوصفه هو جل وعلا ملك يوم الدين بلا منازع

والجدير بالذكر أن تلك الآيات يبدو فيها المسيح عليه الصلاة والسلام وكأنه يقف موقف المساءلة والتحقيق، وهما الأمران اللذان يخص النصارى بهما المسيح نفسه!! فهو عندهم الذى يسأل وهو الذى يحقق و يدين وليس العكس

ولكن ماذا عن اشكال اجازة المسيح المغفرة لهم؟؟

وكيف يستقيم ذلك مع علمه التام عليه السلام بأن من يشرك بالله مأواه النار كما ورد على لسانه الشريف فى نفس السورة (الآية 72):

" وقال المسيح يا بنى اسرائيل اعبدوا الله ربى وربكم، انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار "

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015