فكيف نوفق بين الأمرين؟!

لقد حاول بعض الباحثين حل هذا الاشكال بأن فرقوا بين أهل الكتاب - ويدخل فيهم النصارى - والمشركين فقالوا أن نداء القرآن للنصارى فى القرآن هو (يا أهل الكتاب) وأنه لم يصفهم صراحة بكونهم مشركين، ومن هنا تجوز المغفرة لهم على اعتبار أنهم لم يشركوا مع الله آلهة أخرى، هذا ما ارتأه بعض الباحثين، وفيما يلى نص كلام أحدهم أسوقه لكم لابداء الرأى فيه، مع التنويه بأنى أقف منه موقف المحايد فلا اؤيده ولا أنفيه، بل أفوض العلم فيه الى الله عز وجل

يقول الأستاذ رؤوف أبو سعدة فى كتابه (من اعجاز القرآن) الجزء الثانى صفحة 334 ما يلى:

((وربما قيل لك أن النصرانى أيضا مشرك، لأنه يعدد آلهته، فيقول ثلاثة.

وهذا صحيح فى ظاهره، غير صحيح فى جوهره، لأن المشرك يعبد آلهة متفرقة (أرباب متفرقون كما وصفهم يوسف عليه السلام) ومتضادة الارادة ومتعاكسة الفعل، يغيظ هذا بذاك، ويستعين على هذا بذاك، ويسترضى هذا بقربان لذاك

أما " الثالوث " عند النصرانى فهو وحيد الارادة، وحيد الفعل:

المسيح عنده يصنع مشيئة " أبيه " الذى فى السموات

والروح القدس جبريل لا يتكلم من عنده وانما يتكلم بما يسمع من الآب (الله)

والصلاة عند النصرانى صلاة للآب، لا لعيسى ولا لجبريل:

" أبانا الذى فى السموات، ليتقدس اسمك، ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك كما فى السماء فكذلك على الأرض! "

والتقرب بالابن تقرب الى الآب

و " موهبة " الروح القدس نعمة من الآب

وخلق السموات والأرض وما بينهما خلق الآب

والملكوت ملكوت الآب

فهل بقى لعيسى وجبريل شىء وقد فنيا أخيرا فى ذات الآب الذى انبثقا منه ليعودا اليه؟!

فليس ثم - ان تمعنت - جحود لذات الله أو انكار

فالله الذى يعبده النصرانى هو اله ابراهيم واسحق ويعقوب والأسباط والنبيين من قبل ومن بعد

فماذا فعل اللاهوت فى مجامعه مجمعا بعد مجمع؟

أدمج عيسى وجبريل فى ذات الله عز وجل، فلم يعد لهما خارج ذات الله وجود، فاحتفظ بمقولة التوحيد فى وجه المنكرين عليه، أو هكذا ظن، ثم أخرج من ذات الله عز وجل عيسى وجبريل يعملان الأعمال فى زى نبى وملك كريم

أفليس الأنبياء رسل الله؟ وأليس الملائكة جند الله؟

فما حاجة الله الى التزيى بزى عيسى وجبريل؟!!

أسئلة لا تجد لها جوابا عند النصرانى المؤمن الذى لا التواء فيه، بل هو يحترز كل الاحتراز من مناقشتها بعقله الذى لا يحتمل كل هذا الخلط والتخليط: انه فحسب يعبد الآب الذى فى السموات، ويحب المسيح، ويعظم الروح القدس، على القرب من الله عز وجل قربا يعلو على فهم البشر، ويترك التفصيل والتقعيد لأصحاب هذا اللاهوت

هنا تجد فى الله رجاء للنصرانى المؤمن الذى لا التواء فيه - لا لأصحاب هذا اللاهوت - ان هو نزه ذات الله عز وجل عما لا يليق بجلاله، وأصم أذنيه وقلبه عن سفسطة أصحاب اللاهوت، والله يهدى من يشاء بقرآن وبغير قرآن، وهو أعلم بالمهتدين)) انتهى الاقتباس من المرجع المذكور

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[23 عز وجلec 2009, 08:40 م]ـ

ولكن ماذا عن اشكال اجازة المسيح المغفرة لهم؟؟

وكيف يستقيم ذلك مع علمه التام عليه السلام بأن من يشرك بالله مأواه النار كما ورد على لسانه الشريف فى نفس السورة (الآية 72):

" وقال المسيح يا بنى اسرائيل اعبدوا الله ربى وربكم، انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار "

فكيف نوفق بين الأمرين؟!

أخانا العليمى حفظك الله

لماذا الاصرار على أن في الآية اشكالا؟

إنه مقام التفويض، تفويض الأمر إلى الله تعالى.

المسيح لم يشفع وإنما كان يجيب على السؤال.

وأذكرك أن نوحا عليه السلام عندما قال:

" إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ" سورة هود من الآية (45)

قال الله له:

(قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) سور هود (46)

وأما ما نقلته عن أبي سعدة:

وربما قيل لك أن النصرانى أيضا مشرك، لأنه يعدد آلهته، فيقول ثلاثة.

وهذا صحيح فى ظاهره، غير صحيح فى جوهره، لأن المشرك يعبد آلهة متفرقة (أرباب متفرقون كما وصفهم يوسف عليه السلام) ومتضادة الارادة ومتعاكسة الفعل، يغيظ هذا بذاك، ويستعين على هذا بذاك، ويسترضى هذا بقربان لذاك

أما " الثالوث " عند النصرانى فهو وحيد الارادة، وحيد الفعل:

المسيح عنده يصنع مشيئة " أبيه " الذى فى السموات

والروح القدس جبريل لا يتكلم من عنده وانما يتكلم بما يسمع من الآب (الله)

أقول هذا كلام ساقط لأن الله كفر هؤلاء الذين يقولون بإلهية المسيح والذين يقولون بالتثليث وسماهم مشركين وتوعدهم بالعذاب الأليم:

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ ُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)) سورة المائدة

والمثلث مشرك بالله وإن زعم أن الثلاثة واحد، فالحكم لا يتعلق بزعمهم وإنما الحكم معلق بالحقيقة:

فالله غير المسيح وغير روح القدس وكل واحد يختلف عن الآخر.

وما دام أن أبا سعدة قال عن ما ذكره من عقيدة النصارى:

"خلط وتخليط"

فكيف تريد أن تحل به اشكالا؟

يا أخانا العليمى أرح نفسك وأرحنا معك فليس في الآية اشكال.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015