باللغة الإنجليزية للدكتور عبد الرحمن داي و "علوم القرآن" باللغة الإنجليزية ( Ulum صلى الله عليه وسلمl-Quran) للأستاذ أحمد د ينفر.
وجدير بالإشارة هنا أن جميع التعريفات المذكورة لعلوم القرآن بوصفه اللقبي آي كونه عَلما على المباحث الكلية الجامعة المتعلقة بالقرآن الكريم -على حدّ علمي و اطلاعي- للعلماء المتأخرين بل المعاصرين.
والذي يتبين لي بعد تأمل وسبر للمسألة أن جذور إشكالية التعريف و تحديد الموضوعات في علوم القرآن تعود إلى افتقادنا لخط فاصل يجب أن يكون الأساس والمعيار لتحديد ما يمكن أن يدرج تحت مصطلح علوم القرآن، ومن ثم إبعاد الموضوعات التي لا يمكن أن تنضوي تحت هذا المصطلح.
فما ذكره أصحاب التعريفات الآنفة الذكر كأصل كلي لجمع موضوعات علوم القرآن وعبروا عنها بعبارات مثل: " مباحث تتعلق بالقرآن الكريم " كما عند الشيخ الزرقاني و الدكتور فهد الرومي, و "الأبحاث المتعلقة بالقرآن" كما عند شيخنا مناع القطان, رغم كونها قريبة المبنى والمعنى، لا تكفي لوحدها أن تكون أساسا لبناء تعريف دقيق للعلم. فهي -أعنى عبارة "المباحث المتعلقة بالقرآن" و "الأبحاث المتعلقة بالقرآن"- عبارة عامة تنطبق على أخص موضوعات علوم القرآن وأدقها، مثل: الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول والمكي والمدني -على سبيل المثال- كما أنها قابلة للانطباق على موضوعات أخرى أستبعد كونها من مباحث علوم القرآن كفن مدون، بالرغم أنها موضوعات متصلة بالقرآن وتتعلق بها، مثل: دقائق علم اللغة وبعض التفريعات المتعلقة بإعجاز القرآن عموما ومنها الإعجاز العلمي.
وثمة إشكال آخر مهم في هذه التعاريف وهو كونها ذا طابع وصفي، بمعنى أنها تصف بعض موضوعات علوم القرآن بحيث يمكن القول آن التعاريف المذكورة تذكر بعض الموضوعات التي تدرس في نطاق علم اسمه "علوم القرآن" بدل أن تعطي تعريفا للعلم نفسه والذي يتناول تلك الموضوعات بالدراسة والبحث, فموضوعات أي علم شيء والعلم الذي يشتمل على تلك الموضوعات ويوفر إطارا ومنهجا لدراستها شيء آخر، كما هو معروف.
وقد نتج عن الإشكالات الموجودة في التعريف - كما يبدو لي- مشكلات أخرى، منها: منها كثرة التشقيقات في موضوعات علوم القرآن حيث يكمن إدخال مجموعة من هذه العلوم تحت مسمى واحد الأمر الذي يطرح ضرورة تحرير الموضوعات المعدودة ضمن علوم القرآن, وإعادة النظر في صياغتها. ومنها إشكالية دخول أو عدم دخول علم التفسير ضمن علوم القرآن كفن مدون. فكما رأينا آنفا أن ذلك مثار أخذ ورد بين الباحثين.
ومن الإشكاليات التي لها صلة بإشكالية التعريف تسمية علوم القرآن بأصول التفسير عند بعض أهل العلم كشيخنا مناع القطان -رحمه الله- حيث قال: "وقد يسمى هذا العلم بأصول التفسير, لأنه يتناول المباحث التي لابد للمفسر من معرفتها للإستاد إليها في تفسير القرآن". والدكتور فهد الرومي الذي قال: "ويسمى هذا العلم بأصول التفسير لأنه يتناول العلوم التي يشترط على المفسر معرفتها والعلم بها".
وفي الطرف المقابل يري باحثون آخرون أن "أصول التفسير جزء من علوم القرآن". وبالرغم أن أصول التفسير تشارك علوم القرآن في استنادها للقرآن وخدمتها له, لكنهما يفترقان في كون علوم القرآن أعم, لكونها تضم مباحث لا دخل لها في التفسير كرسم القرآن, وعدد آياته". ولا تعنى المشاركة بين العلمين في خدمة القرآن في مجال واحد كونهما علما واحد؛ لأن "علم أصول التفسير علم يقوم على ضبط التفسير, ووضع قواعد مهمة ضرورية لسلامة السير في طريق هذا العلم, و اشتراط شروط للمفسر يعمل على تحقيقها قبل البدء في التفسير. وذلك كله لكيلا يكون هناك غلط في تفسير القرآن, أو تحريف لكلام الله, أو تشويه لمعناه". ومن هنا كان اعتبار علم أصول التفسير فرعا من فروع علوم القرآن إلى الدقة اقرب.
¥