ونقل عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله: "من أراد العلم فليُثوّر القرآن فإنه فيه علم الأولين والآخرين" وبالرغم من أن الزركشي -رحمه الله- وهو من أكبر المؤلفين في علوم القرآن، لم يقدم تعريفا لعلوم القرآن ولكنه كان يرى أن "علوم القرآن لا تنحصر, ومعانيه لا تستقصى". مما يدل على أن صاحب البرهان لم يكن ممن يحبذون حصر علوم القرآن في مباحث محدودة.

وأما تعريف علوم القرآن كفن مدون فقد تعددت عبارات العلماء فيه:

قال الشيخ الزرقاني في تعريف علوم القرآن: " مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من ناحية نزوله, وترتيبه, وجمعه, وكتابته, وقراءته, وتفسيره, وإعجازه, وناسخه ومنسوخه, ودفع الشبه عنه, ونحو ذلك".

وأما أستاذنا الشيخ مناع القطان -رحمه الله- فقد عرف علوم القرآن بقوله: "العلم الذي يتناول الأبحاث المتعلقة بالقرآن من حيث معرفة أسباب النزول, وجمع القرآن وترتيبه, ومعرفة المكي والمدني, والناسخ والمنسوخ, والمحكم و التشابه, إلى غير ذلك مما له صلة بالقرآن".

ويقول الدكتور فهد الرومي في تعريف علوم القرآن كفن مدون: "مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من ناحية نزوله وجمعه وقراءاته وتفسيره وناسخه ومنسوخه وأسباب نزوله ومكية ومدنيه ونحو ذلك."

وفي محاولة لتضيف علوم القرآن يري أحد المعاصرين وهو الدكتور فاروق حمادة أنه يمكن حصر علوم القرآن في شعبتين:

الأولى: تاريخ القرآن الكريم ويندرج تحت ذلك نزول القرآن الكريم, وأسباب نزوله, وناسخه ومنسوخه, وتدوينه, وحفاظه, وقراءاته.

الثانية: الوسيلة الصحيحة لفهمه على الوجه الحق, وينضوي تحت ذلك علوم اللغة, والإعجاز, والمحكم والمتشابه, والغريب وما إلى ذلك. كما تقضي هذا معرفة شيئ من تاريخ أدب العرب وحالتهم الاجتماعية عند نزول القرآن الكريم, لأنه أنزل بلسان عربي مبين في أمة كان لها أعراف وتقاليد وكان للقرآن مواقف حيالها.

وفيما ذهب إليه الدكتور حمادة من تصنيف لعلوم القرآن نظر لأن المباحث المندرجة تحت الشعبة الأولى مثل أسباب النزول والناسخ والمنسوخ وحتى القراءات لها صلة قوية جدا بالفهم الصحيح للقرآن الكريم، بل لا يمكن فهم بعض الآيات فهما سليما إلا بالوقوف على تلك المباحث. وبالتالي يمكن إدراجها تحت الشعبة الثانية التي عبر عنها بالوسائل الصحيحة لفهم القرآن الأمر الذي يفقد التقسيم المذكور قيمته.

وفيما يبدو لي أنه أحدث محاولة لترتيب موضوعات علوم القرآن قام الدكتور مساعد الطيار بتقسيم وتصنيف علوم القرآن إلى عشرة أصناف؛ يندرج تحت كل صنف منها عدة موضوعات وهي:

1)) علم نزول القرآن.

2)) علم جمع القرآن.

3)) علم القراءات.

4)) علم معاني القرآن.

5)) علم التفسير.

6)) علم سور القرآن وآياته.

7)) علم فضائل القرآن.

8)) علم أحكام القرآن ووجوه الاستنباطات.

9)) علم الوقف والابتداء.

10)) علم جدل القرآن.

وفي حين أدرج الدكتور مساعد الطيار التفسير ضمن مباحث علوم القرآن ونص على أنه "جزء من علم علوم القرآن". يري باحث معاصر آخر وهو الدكتور عدنان زرزور أن عد التفسير من علوم القرآن وجعله نوعا كبقية الأنواع مسألة فيها نظر وتجوز , لأن أغلب علوم القرآن إنما أريد منها تيسر شرح القرآن وفهمه.

مناقشة التعريفات ونقدها:

ولعل مما يلفت النظر بعد هذا العرض لتعريف علوم القرآن بمعناه الاصطلاحي وكفن مدون أن ثمة إشكاليه في تقديم حدّ جامع ومانع لهذا الفن وتحديد موضوعاته.

ولعل صعوبة وضع تعريف جامع ومانع لعلوم القرآن هو السبب في غياب التعريف الاصطلاحي لعلوم القرآن من كتب المؤلفين المتقدمين في علوم القرآن بوصفه الاصطلاحي اللقبي، مثل: كتاب "فنون الفنان في عيون علوم القرآن" للإمام أبي الفرح بن الجوزي (ت 597ه) و "المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز" للإمام أبي شامة المقدسي (ت 665 ه) و "البرهان في علوم القرآن" للإمام أبي عبدالله الزركشى (ت 794 ه) و "الإتقان في علوم القرآن" للإمام السيوطى (ت 911ه) وكذلك غياب هذا التعريف من بعض كتب علوم القرآن المعاصرة مثل: "مباحث في علوم القرآن" للدكتور صبحي صالح، "دروس في علوم القرآن" للأستاذ غانم قدوري حمد. و " إتقان البرهان في علوم القرآن" الدكتور فضل حسن عباس وكتاب "علوم القرآن" - باللغة الأردية- للشيخ محمد تقي عثماني و "علوم القران" ( Quranic Sciences)

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015