ـ[بكر الجازي]ــــــــ[14 Oct 2009, 09:39 ص]ـ

الأخ الكريم أبا عمرو:

1. لا شك أنك قد أضعت وقتك - كما تقول - وأنت تبحث في كلام البشر. ولا شك أنها إضاعة للوقت، لأنك تفعل وأنت مدرك أنها تلفيقات. وهل تعتقد أن من ينظر في كتاب الله تعالى يمكن أن يضيع وقته؟!

الرد على هذا من وجوه:

1. نعم، أضعت وقتي لأنني أومن ببطلان الإعجاز العددي المدعى. أما على شرط أرباب الإعجاز العددي فما أوردته من ملاحظات عددية في بيت الشعر أمر يستحق النظر! كيف لا وفيها من التوافقات العددية ما يروق ويعجب؟!

2. وإذا كنتُ أنا مومناً بأن هذه أوهام وتخرصات، فالأصل ألا يمنعك هذا من النظر فيما أوردته، وما يدريك أنك بإهمالك لما أوردتُه من توافقات عددية في البيت تضيع أصلاً عظيماً من أصول العلم؟! وتغفل باباً واسعاً في فهم كلام العرب وأشعارها؟! بل ربما كان الأصل أن يقودك هذا إلى قراءة أشعار العرب، والمعلقات، والنظر في ترتيب أبياتها، وما ورد فيها من ذكر الذباب والناقة والجمل والصحراء، ثم تربط هذا بالحقائق والأسرار العلمية المكتشفة حديثاً، فتستدرك ما فاتك في هذا الباب؟!!

3. أما قولك بأن هذا بحث في كلام البشر، فهذه مصادرة لم يكن لك أن تقع فيها! على غرار المصادرة التي وقع فيها المدافعون عن الإعجاز العلمي، وبيانها كالتالي:

أ. أنتم تزعمون أن هذا الكتاب الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو كلام الله وليس كلام بشر، ودليلكم على ذلك إما اشتمال القرآن على أسرار في العلوم التجريبية، وإما اشتمال القرآن على أسرار عددية في ترتيبه أو في إشارة هذه الأعداد إلى أسرار علمية!!

ب. فجيناكم بشيء من كلام العرب ندعي فيه اشتماله على أسرار في العلوم التجريبية، أو أسرار عددية تشير إلى حقائق وأسرار علمية!

ت. فماذا كان الجوب؟! تقولون: لا ينبغي أن نزن كلام الله بكلام البشر!

ث. فكيف وأنتم بعد لم تثبتوا أنه كلام الله من حيث وجود الإعجاز العلمي أو العددي فيه؟!

ج. فاعتراضك بأنني أبحث في كلام البشر مردود، وهو حجة عليك لا لك.

4. إيمانك بأن هذا من متين العلم، وإيماني بأن هذه أوهام وتخرصات وتلفيقات، مما لا يجديني ولا يجديك في محل النزاع، فالحكم للدليل. وما كان ينبغي لك أن تذكر هذا، هل تريدني أن أسلم لك بصدق دعواك في الإعجاز العددي حتى لا أضيع وقتي؟! كيف وأنت لم تثبت صدق دعواك؟!

5. إذا نظر الناظر في كتاب الله تعالى على غير وجهه فقد أضاع وقته، ولا شك في ذلك.

ثم إذا كنتَ مومناً بإمكان دلالة آيات القرآن – عددياً- على شيءٍ من أسرار الكون، فلم لا توسع دراستك فتضم إليها شيئاً من شعر العرب، وهذه المعلقات السبع أو العشر، ودواوين الشعراء كالمتنبي والمعري وأبي تمام والبحتري بين يديك؟!

هل تعتقد أن من ينظر في كلام العرب وأشعارها ودلالتها العددية بالإضافة إلى القرآن يضيع وقته؟!

على شرطي نعم ...

أما على شرطك فلا ...

2. لم أكن معنياً بمتابعة صدق ما تقول لأنني أعلم مرادك، ولو كانت المسألة جادة لبحثت في كل ملاحظة ورددت عليك، وكيف أفعل ذلك وأنا أراك تؤمن أنك تضيع وقتك؟!

هذا هروب لا يجديك ...

إذا لم أكن جاداً فيما ذكرت من أسرار عددية في بيت الشعر، فذلك أني لا أومن بهذه الدلالة العددية ابتداءً.

أما على مذهبك، فالأصل أن تكون جاداً، وأن توسع دراستك العددية حتى تشمل شعر العرب قديمها وحديثها، وأنا واثق بأنك ستخرج بأشياء كثيرة. ذلك أن المسألة بسيطة، إلا أنها بحاجة إلى خبرة في حساب الجمل، وفي جمع الأعداد وطرحها، وهذا ما لا أحسنه.

ما الذي يمنعك أن توسع دراستك في الأعداد حتى تشمل شعر العرب؟!

لا تعد إلى نفس المصادرة فتقول: ننظر في كتاب الله ولا ننظر في شعر العرب، فأنت بعد لا يستقيم لك إثبات أن القرآن من عند الله بناءً على ثبوت الإعجاز العددي فيه ...

3. كان مقصدي من مسألة الحديد أن أصحح المعلومة والمسألة أكبر مما تتخيل.

4. اختلف علماء اللغة في كون اللغة العربية توقيفية أو اصطلاحية. وقدّم كل طرف أدلته. ونحن نرى أن منها ما هو توقيفي. فانظر مثلاً كلمة إبليس، التي اشتق منها أبلس، كيف أنها وجدت قبل خلق الإنسان. وأقول هذا للرد على ملاحظتك حول الجُمّل المتعلق بكلمة الحديد.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015