طوعُ أيدي الغرامِ تقتادُنا الغيـ ... ـدُ ونقتادُ في الطِّعانِ الأسودا

فَتَرانا يومَ الكريهةِ أبطا ... لاً وفي السِّلمِ لِلحِسانِ عبيدا

والعجيب أن مجموع كلمات هذه الأبيات هو 26، وهو العدد الذري للحديد، وهو جمل كلمة "حديد".

8. ولو ذهبنا إلى بحور الشعر، فإن النظم هنا على البحر الخفيف "فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن" أو "فعلاتن متفعلن فاعلاتن".

عدد حروف التفعيلات في الشطر الثاني من البيت الأول هو 19. وكذلك الأمر في الشطر الثاني في البيتين الثاني والثالث.

فيتحصل لنا

19 * 3 = 57. وهو مساوٍ للنظير المتوسط.

فماذا تسمي هذا يا أبا عمرو؟!

إذا سميت ما في القرآن إعجازاً عددياً، فليس ما جيت به بأقل إعجازاً!

وإن سميته توافقاً عددياً عجيباً، فليس ما جيت به بأقل من ذلك!

وبعد:

فأذكرك بما قلته سابقاً: أعجب بقوم ينصرفون عن تدبر القرآن إلى الضرب على الآلات الحاسبة!!

هذا والله آية الضلال ...

لقد أخذت هذه الحسابات من وقتي ما يزيد على الساعتين!

أفليس من الضلال أن ننصرف عن تلك المعاني الرقيقة في أبيات الشعر، يقول فيها الشاعر إنه من قوم يذيبون الحديد، إلا أنهم على بطشهم وسطوتهم تذيبهم عيون النساء، وأنهم ينقادون لهن على الرغم من أنهم يقتادون الأسود، وأنهم في الحرب أبطال وفي السلم عبيد للحسان.

أقول أفليس من الضلال أن ننصرف عن هذه المعاني إلى الضرب على الآلة الحاسبة، والعبث بالأرقام من أجل استخراج العدد الذري للحديد، والوزن الذري لنظائر الحديد، ودرجة انصهار الحديد على مقياس كلفن والمقياس المئوي؟!

ما للشاعر وهذا كله؟!

ثم نقول: وما للقرآن الذي جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، بشيراً ونذيراً، وفيه من قصص الأنبياء والمرسلين، ومن آيات الأحكام ما فيه ... إلخ.

ما للقرآن وهذه الأعداد؟!

وما للقرآن والنظريات العلمية؟!

إن كان عندكم ما يدلكم على أصل المسألة، فأوردوه، وإلا فإن التوافق العددي أمر يمكن تحصيله في أي كلام ....

ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[12 Oct 2009, 08:38 م]ـ

الأخ الكريم بكر،

1. لا شك أنك قد أضعت وقتك - كما تقول - وأنت تبحث في كلام البشر. ولا شك أنها إضاعة للوقت، لأنك تفعل وأنت مدرك أنها تلفيقات. وهل تعتقد أن من ينظر في كتاب الله تعالى يمكن أن يضيع وقته؟!

2. لم أكن معنياً بمتابعة صدق ما تقول لأنني أعلم مرادك، ولو كانت المسألة جادة لبحثت في كل ملاحظة ورددت عليك، وكيف أفعل ذلك وأنا أراك تؤمن أنك تضيع وقتك؟!

3. كان مقصدي من مسألة الحديد أن أصحح المعلومة والمسألة أكبر مما تتخيل.

4. اختلف علماء اللغة في كون اللغة العربية توقيفية أو اصطلاحية. وقدّم كل طرف أدلته. ونحن نرى أن منها ما هو توقيفي. فانظر مثلاً كلمة إبليس، التي اشتق منها أبلس، كيف أنها وجدت قبل خلق الإنسان. وأقول هذا للرد على ملاحظتك حول الجُمّل المتعلق بكلمة الحديد.

5. كل ما هو موجود في القرآن الكريم هو مراد لله تعالى على خلاف كلام البشر، وبالتالي لا يجوز أن نهمل أية ملاحظة تتعلق بكتاب الله المعجز. ولا أظنك تزعم أن كون ترتيب سورة الحديد الذي يوافق الجُمّل والوزن الذري غير مراد لله تعالى. وأقبلُ هذا الزعم من غير مسلم. أما المسلم فيعلم أنه كتاب لا تنقضي عجائبه، وبالتالي لا يهمل أية ملاحظة.

6. لم يتوقف الأمر في سورة النحل على ترتيب السورة في المصحف بل هناك ملاحظات عديدة تتعلق بالعدد 16. أما لماذا 16 وليس 32 (الأنثى) فلأن وحدة البناء في النحل هو العدد 16 ومضاعفاته. وذكرنا النمل والعنكبوت ولم نذكر البقرة، لأن الجامع الذي يجمع السور الثلاث كونها حشرات فلماذا نحشر معها الفيل والبقرة؟! ولكن لكل سورة نظامها العددي.

7. كلما زادت الملاحظات بَعُدَ أن يكون الأمر من قبيل المصادفة (ولا يوجد في كتاب الله مصادفات بل كله يراد). فكيف بنا والملاحظات لدينا تتوارد وتتواتر كلما بحثنا، وهي الآن تتجاوز المئات. ولا شك أن القانون الجامع يأتي بعد جمع أكبر عدد ممكن من الملاحظات، وهذا هو المنطق السوي في منهجية البحث. وكما تلاحظ فقد سمى الشيخ بسام كتابه"إرهاصات الإعجاز العددي". فهو يعتبر أن هذه مقدمات ترهص بوجود الإعجاز العددي. وله كتاب في عنوانه:" مقدمات تنتظر النتائج". فهل تقترح علينا أن نهمل هذه الملاحظات ولا نتابع البحث حتى لا نضيع وقتنا!! وهل ترى أن إثبات وجود وجه ومن وجوه الإعجاز القرآني لا يدخل في باب الهداية؟! إذا كان الأمر كذلك فلماذا بحث الإعجاز البلاغي، والغيبي، والتشريعي .. ؟!

8. لابد من التفريق بين الأبحاث الجادة والأبحاث المتكلفة، وهذا مطلوب في كل وجه من وجوه الإعجاز. فكم من باحث في الإعجاز البياني لا يُبين.

9. الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وواضح أنك تحكم على علم ترى أنه تضييع للوقت، ومن هنا لا أتصور أنك كلّفتَ نفسك عناء أن تبحث فيه. والفرق بيني وبينك أنني تابعتُ أبحاث شيخي ناقداً لها، فكانت من أكبر المفاجآت، بل والمتع الفكرية والروحية. وكم حلّقت بي في آفاق السرور والنشوة، لما أجده من آفاق إعجازية يسهل أن تميّز بينها وبين ما يمكن أن يتكلفه البشر من بناء.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015