وما هو إلا أدلة وبراهين وحقائق علمية ظهرت وتظهر مستقبلا تتعمق بها الاستدلالات والبراهين على أن كتاب الله سبحانه وتعالى هو الكتاب الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قال تعالى: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42)

والله سبحانه وتعالى الموفق والهادي إلى سواء السبيل

د. حسن عبد الجليل العبادلة

ـ[بكر الجازي]ــــــــ[29 Sep 2009, 12:02 م]ـ

أخي الكريم:

لكن كلمات القرآن الكريم وألفاظه فياضة بالمعاني، وليس من الحكمة أن نقول بقصر فهم معانيها على زمن من الأزمان دون غيره، فإذا عرض أمر جديد لم يظهر زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نستدل نجتهد في ردّ هذه الأمور إلى كتاب الله تعالى لنعرف الحكم، وفي هذا الرد بحث عن فهم من كتاب الله لم يكن زمن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، فهل منهم من أظهر حكم تعاطي المخدّرات ... إذا لا بد من رد المسائل إلى أصولها من الكتاب الكريم والسنّة المشرّفة يقول تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء:83) فهذه الألفاظ القرآنية صالحة لكل زمان ومكان.

القول بأن كلمات القرآن الكريم فياضة بالمعاني، وإنه ليس من الحكمة أن نقول بقصر فهم معانيها على زمن من الأزمان دون غيره ليس له ما يسنده، وهي دعوى منك لا دليل عليها ...

ولنا أن نقول في مقابلها: بل كلمات القرآن معانيها مقصورة على ما كان يعهده العرب الأولون، ومن الحكمة قصر فهم معاني الآيات على زمن العرب الأولين الذين نزل بلسانهم، وذلك حتى لا يأتي زمان يُقوِّلُ فيه الباطنية وغلاة الصوفية، وضُلاّلُ القاديانيةِ اللهَ ورسولَه ما لم يقولاه، وما يدريك أخي الكريم أن أرباب الإعجاز العلمي بهذا الفهم الذي جاؤوا به، والذي لم يكن زمن الصحابة يقوِّلون اللهَ ورسولَه ما لم يقولاه، فإن كان هناك دليل على الإعجاز العلمي فهذا ما لا نزال نطالبكم به، وإلا فقولك (وليس من الحكمة أن نقول بقصر فهم معانيها على زمن من الأزمان دون غيره) دعوى ذكرنا لك ما يقابلها عندنا.

فلا بد من دليل من القرآن أو ومن السنة المطهرة، أو من كلام العرب الأولين يثبت لنا به أرباب الإعجاز العلمي صواب ما ذهبوا إليه من تفسير القرآن بالعلم الحديث، وأن الإعجاز العلمي حقيقة واقعة.

وليس من الحكمة مخاطبة الناس على خلاف مستوى ما يعقلون، فتخيل أخي الحبيب لو أن ألنبي صلى الله عليه وسلم قال لقريش إنه سيأتي زمان يطير الناس فيه في السماء في الحديد، أو أن الحديد سينقل الصوت والصورة .... وسيسير الحديد بسرع هائلة .... ماذا ستكون ردّة فعل أهل قريش حين ذاك.

وهل من الحكمة أن يقولَ لسراقة: ارجع ولك سوارا كسرى؟ وهو في طريق هجرته إلى المدينة.

أم هل من الحكمة أن يخبر صحابته بفتح فارس والروم في حرب الأحزاب، ولم يكن أحدهم يأمن أن يخرج لقضاء حاجته خوفاً؟

أم يخبر بفتح القسطنطينية؟

ألم يكن هذا على خلاف مستوى ما يعقلون من حيث إنهم كانوا مستضعفين في الأرض؟

وإن كان هذا من الحكمة حتى يشد من أزر أصحابه، ويخفف عنهم، فلنا أن نقول: ومن الحكمة أيضاً أن يخبرهم بهذه الحقائق عن الكون والحياة والمعادن، تصريحاً لا تلميحاً، وعلى وجه قاطع لا يحتمل التأويل، حتى لو كانت على خلاف ما يعقلون، حتى تكون أقطع في الدلالة على الحقيقة العلمية، ولو جاء بها صراحةً لكان أبلغ من الإشارة، أو التلويح، ولا سيما أنك تنظر في الإعجاز والتحدي الذي به تثبت أن القرآن كلام الله وليس كلام بشر، فذكر الحقائق صراحة أبلغ من الإشارة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015