فأما الأول فمعلوم للجميع و ما من ناظر في القرآن إلا ويقف عليه.

و أما الثاني فمثاله قوله تعالى:

وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ

و قوله تعالى:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ

و أما الثالث فماله قوله تعالى:

قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

فأما عن كون هذين البابين الأخيرين يلم بهما القرآن ففي قوله تعالى:

وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ

و قوله تعالى:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا

فهذه بعض وجوه التحدي الواردة في القرآن ...

ب) أن فتاوي العلماء يجب أن تأخذ بكيفية طرح القضية عليهم .. و مثال ذلك إن أفتى

الشيوخ بتحريم (أو كراهة) الحج و العمرة هذا العام على من يزيد عمره على ال65 سنة (و حرماني مثلا من أفضل ما يستطيع امرئ أن يهدي لأبويه) فليس معنى ذلك

حرمة الحج على من تفوق أعمارهم ذلك و لكن تحت أطر دقيقة أفتى العلماء بذلك ..

و التالي لا يجوز الاستئناس بحمل فتوى إطار معين على إطار آخر ..

ثم إن المفتين في الأغلب ليس لهم عميق دراية بالعلوم التجريبية و النظرية إنما عندهم دراية بالعلم الشرعي و هذا النقص يجعلهم يأنسون لكلام دون معرفة الدقيق منه .. و ربما حملهم على التركيز على مخالفات الدارسين فيخطئون الفتوى .. و إنما حملهم

على ذلك حبهم للقرآن لا نشك في ذلك أبدا فأرادوا قطع الطريق عن هذا الباب .. و

لو علموه ما أراهم جنحوا عنه إنما أرشدوا إليه ...

ت) وجود دراسات تعتبر مجازفات ليس هو الغالب فلماذا نحمل النادر على الغالب و نضرب الكثير بالقليل .. و أنتم تعلمون أن أهل هذا العلم مثلكم لا يسكتون على المخالفات

و يردون عليها و يوضحونها ..

ث) السبق العلمي في القرآن أكثر بيانا و أكثر دقة و المخالفات العلمية و المنطقية في غيره واضحة و لا حصر لها ..

القرآن الوحيد في العالم لا تجد فيه ما يناقض العلم .. و هو الوحيد الذي نص على ذلك

في قوله تعالى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا

و قوله تعالى:

قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ

ج) التسمية هي مجرد اصطلاح و ربما ينقصه بعض الدقة بالفعل.

ح) اعلم أنه لو وجد خلاف في النظرات اليقينية فإنما هو خلاف تكامل لا تضاد .. أما النظريات التي تقوم على الفلسفة و الظن فليس ذلك مما يدرس به القرآن ..

و لعلك تقف على ذلك في تفاسير السلف .. فليس هذه الاختلافات اختلافات تضاد و لكنها تكامل ..

خ) الذي أراه أن النظرة بمنظار العلم الدقيق هو ما يزيد ول السلف من الصحابة و التابعين تفسيرا و إيضاحا و لا غنية عن كلامهم ...

يغفر الله لي و لكم

ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 Sep 2009, 06:31 م]ـ

أما كون التحدي لم يكن سوى بالبيان = فهذا هو الحق الذي لا محيد عنه وأدلته:

1 - أن التحدي تم ووقع ولزم بأول ما نزل بالقرآن،وكان بأقصر سورة بالقرآن ولم يُعلق التحدي إلا بنفس السور والآيات،والقدر المشترك بين أقصر سورة وبين أول ما نزل وبين ما قرأه النبي على الوليد فبهره = هو البيان لا غير.

2 - لا يوجد موضع واحد في القرآن فيه التحدي بالعلم ولا بنحوه وما ذكره الأخ صاحب المشاركة السابقة ليس فيه موضع واحد يدل على التحدي بالأشياء المدعى التحدي بها،والمقارنة بين صيغها وصيغ آيات التحدي تُظهر ذلك بوضوح وإنما هو تمحل في الاستدلال. وفيها خلط عجيب كالخلط بين طلب الحجة وبين التحدي بالقرآن وبين عدم القدرة على الخلق وبين التحدي بالقرآن وحديثنا عن أنه سبحانه تحداهم بالقرآن ومحل النزاع ما هو وجه التحدي .. وهذه الأشياء التي ذكرها أجنبية عن محل النزاع.

3 - إنما يكون التحدي المستلزم لصدق النبوة من جنس ما يُحسن المبعوث لهم الإتيان به وهذا ظاهر في آيات الأنبياء وليست العلوم ونحوها من جنس ما يُحسنه العرب وصناعتهم البيان.

4 - فَقِه العرب الذين بعث لهم النبي صلى الله عليه وسلم موضع التحدي .. صحابته وغيرهم وكان هو ما نقول بدلالة معارضة مسيلمة لبيان القرآن.

5 - إثبات التحدي بالعلوم التجريبية يستلزم أن الله أراد بنصوص القرآن معاني اجتمع الصحابة على عدم فهمها فلم يفهمها منهم أحد وهذا باطل لاستلزامه اجتماعهم على عدم معرفة بعض الحق ولمخالفته لنصوصهم بأن النبي علمهم من القرآن كل شيء.

6 - وهو مهم جداً: الحجة في نص القرآن على الحقائق العلمية هي أنه تكلم بها محمد وهو رجل أمي لا يحسن تلك العلوم فوجب أن يكون المخبر له رب خالق. وهذه الحجة دليل لنا على أن الله لم يتحدى بالعلوم التجريبية؛وأن نصوص التحدي لا تشتمل على العلوم التجريبية بل هي خاصة بالبيان؛لأن الله تحداهم أن يأتوا بمثله وليست المشكلة أنهم -أي أهل عصرنا وغيرهم الذين تزعمون أنهم متحدون-لم يأتوا بمثله فقد أتوا ببيان لتلك الحقائق،ولكن موضع الحجة هو أن النبي تكلم بها رغم زمانه وأميته .. وهذه بينة ظاهرة على أن تلك الحجة ليست من جنس التحدي بل هي من جنس آيات الصدق والتصديق.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015