- معنى الآية " ما قدموا وآثارهم": أي ما عملوه من خير وشر لنحاسبهم، وآثارهم أي وما تركوا من أثر كالولد الصالح، والعلم النافع، والصدقة الجارية، ومن ذلك أيضا خطاهم إلى المساجد كما جاء في الحديث وسياق الآية لا يحتمل إلا المعنى العام غير المقيد بآثار الخطى إلى المساجد.

- رد أبو حيان على من استدل بحديث ابن ماجة أو الترمذي على أن الآية مدنية.وقال: ليس ذلك زعماً صحيحاً وانتصر له الخفاجي بأن الحديث الدال معارض بما في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ لهم هذه الآية ولم يذكر أنها نزلت فيهم وقراءته عليه الصلاة والسلام لا تنافي تقدم النزول

- رفض ابن كثير وابن عاشور الربط بين هذه الآية وحديث الترمذي؛ يقول ابن عاشور وتوهَّم راوي الحديث عن الترمذي أن هذه الآية نزلت في ذلك وسياق الآية يخالفه ومكيتها تنافيه، ويقول ابن كثير (وفيه غرابة من حيث ذكْرُ نزول هذه الآية، والسورة بكمالها مكية.)

ثانياً: آية سورة الزمر

- جاء في البخاري في سبب نزول قوله (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) - (أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا فَأَتَوْا مُحَمَّدًا ( r)) فـ"المشركون" فيها دلالة على أنهم أهل مكة لا أهل المدينة بل جاءت روايات تبين أنهم مكة صراحة ثم إن الآية في حديث البخاري قد ربطت بآيات مكية أخرى، وهذه أمور تؤكد مكية الآية

- هذه الآية فيها روايات عديدة تروى كل واحدة منها باعتبارها سببا للنزول؛ فقيل أنها نزلت في الآتي:

- في بعض المشركين ولم يعينوا

- في مشركي أهل مكة

- في أقوام أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذبوه

- في وحشي قاتل حمزة

- في عياش بن أبي ربيعة

وهذا يدل على أن حكم الآية قد أنزل في هذه الوقائع جميعا، وإنزال حكم الآية لا يعني إنزالها من السماء في كل مرة، وقد بينت في بداية البحث أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم إذا قالوا إن هذه الآية نزلت في كذا فإنهم يريدون به تارة أنه السبب المباشر للنزول ويريدون به تارة أن هذا داخل في معنى الآية وإن لم يكن هو السبب كما ذكر ابن تيمية، وهو من جنس الاستدلال على الحكم عندهم كما ذكر السيوطي؛ ولهذا يقول ابن عاشور عن الأسباب الواردة في الآية (وقد رويت أحاديث عدة في سبب نزول هذه الآية غير حديث البخاري وهي بين ضعيف ومجهول ويستخلص من مجموعها أنها جزئيات لعموم الآية)

- يقول ابن عاشور عن سورة الزمر (هي مكية كلّها عند الجمهور وعن ابن عباس أن قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله (الزمر: 53) الآيات الثلاث. وقيل: إلى سبع آيات نزلت بالمدينة في قصة وحشيّ قاتل حمزة، وسنده ضعيف، وقصته عليها مخائل القصص وعن عمر بن الخطاب أن تلك الآيات نزلت بالمدينة في هشام بن العاصي بن وائل إذ تأخر عن الهجرة إلى المدينة بعد أن استعد لها. وفي رواية: أن معه عياش بن أبي ربيعة وكانا تواعدا على الهجرة إلى المدينة ففُتِنا فافتتنا، والأصحّ أنها نزلت في المشركين كما سيأتي عند تفسيرها، وما نشأ القول بأنها مدنيّة إلا لما روي فيها من القصص الضعيفة)

- ذهب ابن حجر كما ذكرت أخي د. أحمد البريدي إلى أنّ السائلَ عن ذلكَ وحْشيُّ بن حَرْبٍ قَاتِلُ حمزةَ بن عبد المطّلب كما عندَ الطبرانيِّ، ورواية الطبراني ضعيفة كما ذكر السيوطي، وقد بينت ذلك في أصل البحث، وقد قيد ابن حجر في "فتح الباري" المشركين في حديث البخاري بوحشي في حديث الطبراني لكن هل هذا الكلام مقنع؟ خاصة وأن السائلين في الآية وحديث البخاري جماعة، وفي رواية الطبراني الضعيفة السائل فرد وهو وحشي

- إذا كانت آية الزمر مدنية لزم من ذلك أن آية الفرقان كذلك أيضا، لأنهما ذكر معا في الحديث الصحيح الذي يبين أن السائل هم المشركون

لكن هنالك حول الموضوع أمور شديدة الأهمية لا يمكن إغفالها؛ وهي:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015