- جاء في شعب الإيمان للبيهقي ما يشير صراحة إلى أن الآية أنزلت فيمن أنزلت فيهم بالمدينة؛ فعن عبد الله بن عمر قال: كنا نقول: ما لمفتتن توبة وما الله بقابل منه شيئا فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة أنزل فيهم (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) فإما أن يكون الإنزال في الحديث بالمعنى الأول عند الصحابة أو بالمعنى الثاني وأميل لهذا الأخير لحديث البخاري

ولكن جاء هذا الحديث في المستدرك بسياق غريب جدا؛ فعن عمر: قال: كنا نقول ما لمفتتن توبة و ما الله بقابل منه شيئا فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة أنزل فيهم (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) و الآيات التي بعدها، قال عمر: فكتبتها فجلست على بعيري ثم طفت المدينة ثم أقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة ينتظر أن يأذن الله له في الهجرة و أصحابه من المهاجرين و قد أقام أبو بكر رضي الله عنه ينتظر أن يؤذن لرسول الله صلى الله عليه و سلم فيخرج معه)

وسياق حديث الحاكم هذا لا أستطيع فهمه (فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة أنزل فيهم "يا عبادي الذين أسرفوا" ........ ثم أقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة ينتظر أن يأذن الله له في الهجرة) فأول الكلام يشير صراحة إلى مدنية الآية "قدومه المدينة " وآخره يدل دلالة واضحة على مكيتها "إقامته بمكة" ولا أستطيع أن أفهم ذلك إلا أن يكون الإنزال إنزال على الواقعة وما يماثلها، وكثرة الروايات والوقائع في هذه الآية تدل على المعنى الثاني للنزول عند الصحابة، ولكن حتى لو كان الأمر كما ذكرت فما هو معنى الحديث؟! خاصة وأن "ثم" تفيد - في اللغة - الترتيب بمهلة، ولكن النبي صلى الله عليه و سلم كما هو معلوم قد أقام بمكة أولا ثم قدم المدينة. وبهذا يفيد الحديث معنى لا أستطيع فهمه، اللهم إلا إذا كانت "ثم " كما قال الفراء يقصد بها ترتيب الإخبار، لا ترتيب الشيء في نفسه،فيكون المعنى: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة أنزل فيهم وقد أقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة ينتظر أن يأذن الله له في الهجرة

هذا وقد ذكر أصحاب السير أن عمر بن الخطاب هاجر في عشرين رجلا بعد بلال وعمار بن ياسر، وذكر ابن سعد في الطبقات أنه عند هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لم يبق من المسلمين بمكة إلا مفتون أو مريض أو ضعيف عدا أبو بكر وعلي رضي الله عنهما، وإذا صح ذلك فمن الممكن أن تكون آية الزمر هذه قد نزلت وعمر بالمدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وبهذا تكون مكية

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[05 Sep 2009, 02:34 ص]ـ

أخي الكريم حجازي الهوى عندما نظرت إلى سياقي حسب تنبيهك وجدته كأنما يشير إلى أنني قصدت زيد بن ثابت؛ إذ قلت " السابق ذكره " ولم أذكره سابقا، وهو خطأ في الكتابة، ولكني أقصد تحديدا خزيمة بن ثابت لا زيد بن ثابت، وهو خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأوسي البدري وهو المعروف بذي الشهادتين، وهو نفسه الذي جاء بآخر التوبة إلى لجنة زيد بن ثابت كما جاء في البخاري ومسلم وابن حبان والبيهقي وغيرهم

شيخنا الفاضل

أرجو التكرم بقراءة العبارة مرة أخرى، فالذي كان يبحث عن الشهود هو زيد بن ثابت وليس خزيمة بن ثابت.

ـ[رأفت المصري]ــــــــ[05 Sep 2009, 04:27 ص]ـ

أشكر الإخوة الأفاضل على هذه المدارسة النافعة ..

وأشكر على الخصوص "فارس الميدان" الدكتور جمال حفظه الله، فما ينقصُ هذه المسألة من البحث كان في تتبّع الروايات واحدة واحدة؛ كما فعل - أدام الله نعمته عليه وعلى جميع المسلمين -، فسدّ بذلك الثغرة.

ومن باب الكلام النظري البعيد عن التطبيق والتتبع أقول:

قد طال تفكيري حيناً من الزمان في هذه المسألة، وكنت أتساءل فأقول:

إن من المعقول المعهود أن تنزل سورةٌ في مكّة، ثم يهاجر النبيّ صلى الله عليه وسلم ولمّا تكتمل؛ فتكتمل في المدينة.

وهذا - وإن كان خلاف الأصل - إلا أنه معقول المعنى، ويفتقر في إثباته إلى دليلٍ صحيح صريح - كما تفضّل الأساتذة سابقاً.

لكن الاستشكال الحقيقيّ:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015