تركنا زينب تتحدث، وقد كانت أكثر منا حرصا علي تسجيل كل كلمة تقولها. بدت واثقة من نفسها ومن كل كلمة تنطق بها. أكدت أنها تريد أن تنقل تجربتها لكل من يضعون أقدامهم علي بداية الطريق الذي مشت فيه، وكل من يمرون بنفس الضغوط والظروف التي مرت بها. بدأت حديثها قائلة: كنت أعيش حياة عادية داخل أسرة ملتزمة دينيا، أمارس بعض الأنشطة في المساجد من حولي حيث كنت أقوم بتحفيظ القرآن للأطفال وشرح بعض الدروس لأخواتي المسلمات. وكنت وقتها أعتمد على شريحة معينة وعدد محدود من المشايخ وأئمة المساجد من حولي في استقاء المعلومات الدينية وتوصيلها للأخوات. كانت تقف أمامي بعض الأسئلة التي لا أجد لها إجابات عندي، وكنت وقتها قد تعرفت علي اثنتين من زميلاتي بجامعة حلوان وهما ريهام وهبة. وعرفت فيما بعد أنهما متنصرتان.

وعندما كنت أتحدث معهما عن الأسئلة التي كانت تقف أمامي بدأتا تطرحان المزيد من الأسئلة التي تزيد من حيرتي وشكوكي. وكانت معظمها عن أمور غيبية وحول شخص الرسول الكريم والسنن النبوية. لجأت من جديد إلى أئمة المساجد فلم أجد لديهم إجابات مقنعة، بل ومنهم من نهرني واتهمني بالشرك والكفر، وأنه لا يصح أن اسأل مثل هذه الأسئلة. ازدادت علامات الاستفهام في رأسي. في الوقت نفسه عرفتني ريهام وهبة علي 3 شباب و4 فتيات في الجامعة عرفت أيضا فيما بعد أنهم متنصرون. حكوا لي عن مواقف مشابهة وطرحوا عليّ المزيد من الأسئلة التي طلبوا مني أن أسأل المشايخ عن إجابات لها.

سألناها: هل حاولت أن تطرحي هذه الأسئلة علي أحد من العلماء المتخصصين؟ أشارت إلي أنها اكتفت بالعدد المحدود الذي تعرفه من المشايخ وأئمة المساجد. واسترسلت قائلة: كنت في ذلك الوقت أقوم بزيارات لصديقتي هبة في منزلها، وفي إحدي المرات فوجئت بوجود أحد القساوسة وعرفت بعد ذلك أن أسرتها بأكملها قد تنصرت. بادرت هبة وأخبرت القس عني وعن حيرتي والأسئلة الكثيرة بداخلي. تحدث معي هذا القس، وهو راع لإحدي الكنائس القبطية عن الدين المسيحي وأعطاني مجموعة من الكتب. كنت أستمع إليه في البداية لأجادله وأناقشه لأثبت أنني الأقوي في الحجة. وبعد أن كنت قد انقطعت عن المساجد والمشايخ الذين عرفتهم عدت لأسألهم من جديد عما يقوله هذا القس، فنصحني أحدهم بالابتعاد عن الحديث في هذه الأمور والجدال حول الدين اتقاء لما يمكن أن يحدث من فتنة طائفية قائلا: "لكم دينكم ولي ديني". ولكنني وقتها لم أكن علي استعداد لقبول هذه النصيحة، واعتبرت أن هذا يعد انسحابا وتساءلت: لماذا يدعو هذا القس لدينه بكل هذه الجرأة دون أن يخشى شيئا؟ ولماذا نكتفي نحن المسلمين بالانسحاب من النقاش حول الاديان؟ وتعلق زينب قائلة: اعتبرتُ بفهمي المحدود والعاجز وقتها أن هذا الاختلاف يمثل ضعفا في العقيدة، وخاصة أن أحد هؤلاء المشايخ كان قد رفض مقابلتي بعد طرح هذه الأسئلة عليه قائلا: إن فكري شاذ، وإنه لن يضيع وقته معي. وفي الوقت نفسه كنت أجد هذا القس وقد فرَّغ نفسه تماما لمقابلتي، وأصبح يزور منزل هبة مرات عديدة تصل إلي أربع مرات في الأسبوع لمقابلتي ونصحي باعتناق المسيحية. وكنت وقتها قد عرفت أن زملائي التسعة قد تنصروا.

تستكمل زينب حديثها قائلة: وقتها ازداد الصراع بداخلي وساورني شك في وجود الله. تغيرت ملامحها وهي تتذكر هذه الفترة، وأضافت: كان خطئي أنني تكتمت الأمر عن أسرتي ولم ألجأ إلي أهل العلم والدين، وبعدها توقفت تماما عن الاستماع للمشايخ أو مقابلة هذا القس. وفي ذلك الوقت كان عدد من أصدقائي المتنصرين قد سافروا للخارج فاتصلت بي صديقتي ريهام تليفونيا من كندا لتحدثني عن حياتها الجديدة بعد أن سافرت وكيف أنها تعمل وتقوم بالتدريس في الجامعة كما أنها تلقي بعض الدروس علي أحد مواقع الشات علي الانترنت. وطلبت مني أن أدخل علي هذا الموقع للاتصال بها والتحدث معها.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015