هذا كله ليس إلا اجتهادا في تفسير العلاقة بين (م ش ه|) والفعل المذكور في عبارة بنت فرعون، لكنه ليس موافقة على تلك العلاقة التي ليست إلا تفسيرا للاسم يأتي به كاتب النص المدعو "سفر الخروج".

إن اسم (م ش ه) ليس كما ذكر كاتب سفر الخروج اشتقاقا من المشي على لهجته العربية التي كتب بها في الأصل "سفر الخروج"، إن هو إلا تحريف لكلمة "موسى" التي تعني السكين. كل ما كان من ناقل النص إلى العبرانية أنه نقل هناك نصا عربيا يفسر الأصل الاشتقاقي لاسم (م ش ه). وعلى ذلك يكون كاتب النص العربي الأصلي قد قرأ في خط لا يثبت الحركات والنقط وحروف اللين، ويكون قرأ (م ش ه) في نص فيه (م. س)، وأضاف هاء السكت كما أضاف الحركات من بعد وحروف اللين.

ومعنى ذلك، أن كاتب النص العربي الأول الذي ترجم عنه النص العبراني أخطأ في القراءة. لماذا؟ لأن القراءة الصحيحة (م. س) هي "موسى" وتعني السكين، بل إننا نضيف إلى ذلك أن المترجم إلى العبرانية اضطر إلى إدخال فعل "مشى" محرفا إلى العبرانية، وذلك ليفسر اسم (م ش ه) به، وكأن الأصل الذي نقل عنه كان كما يلي: "لأنني من الماء مشيته"، وكأن القراءة التي جعلت للاسم في الأصل العربي هي "مشي" بصيغة البناء للمجهول العربية، فاضطر المترجم العبراني إلى الحفاظ على الأصول العربية مع تحريفها لتناسب النطق العبراني، وذلك ليتم له في النص العبراني بيان العلاقة بين الاسم وسبب التسمية.

الحجة السابعة: هذه حقها أن ترد مع الحجة الأولى، بل قبلها عند ذكر الأصل العربي لكلمة التوراة المحرف عند العبرانيين إلى "طورا".

ما القصة؟

إنها قصة اسم الإنجيل. ما يقال عن اسم التوراة يقال على اسم الإنجيل. لا نجد أسرة اشتقاقية يعود إليها ذلك الاسم إلا الأسرة الاشتقاقية لذلك الجذر في اللسان العربي. كيف؟ إنه صيغة "إفعيل" من (ن ج ل)، "النحل النسل وقد نجله أي ولده، والنجل القطع ومنه المنجل يحصد به، والمنجول من الجلود الذي يشق من عرقوبيه جميعا ثم يسلخ، ونجله بالرمح طعنه، وطعنة نجلاء أي واسعة، والنجل بالتحريك سعة شق العين نع حسن، والنجل بالتحريك سعة شق العين مع حسن، والنجل الماء السائل. والنجل محو الصبي اللوح، يقال نجل لوحه إذا محاه". (9)

وما ذكرناه هنا ليس إلا مختصرا شديدا للمذكور في لسان العرب. وما ذكر هناك ليس كله واردا على الحقيقة، بل معظمه على المجاز، ولعل المقصود بالإنجيل الأصل والمصدر، ويكون معناه على هذا متصلا بمعاني المادة التي ربطت النجل بالنسل والولد والوالد. وقد انتبه إلى ذلك القدماء فقال صاحب اللسان: "وقيل: هو عربي ... والإنجيل مثل الإكليل والإخريط، وقيل اشتقاقه من النجل الذي هو الأصل، يقال: هو كريم النجل أي الأصل والطبع". (10)

هل كان نص الإنجيل عربيا؟ ذلك ما يدل عليه اسمه.

هذه أمثلة لا تستغرق مثيلاتها في العهد القديم والعهد الجديد أي في كتابي العبرانيين وأهل الكنائس، وسنعود إلى أمثلة أخرى بتفصيل في مقال آخر.

-----

1) ص: 388 - 389، مادة (وري).

2) ص: 5 مادة (طحا)، الجزء 15 من لسان العرب.

3) ص: 98. مادة بها لسان العرب الجزء 14.

4) 8، 9، 10، 11، 12/ 12 لسان العرب، انظر عن "حواء" الجزء 14 من لسان العرب ص: 206.

5) انظر ص: 6 من "سفر التكوين"، الطبعة المنوه بها من قبل، وانظر مادة هبل في لسان العرب ص: 686/ 11.

6) 350/ 13، لسان العرب، مادة (فين).

7) 48 مروج الذهب، الجزء الثاني، دار الأندلس 1965.

8) (انظر هذا المثال في قصة إبراهيم 31 من "سفر التكوين"، الطبعة المذكورة من قبل. انظر مثال "أبي مائل" في سفر نفسه ص: 15.

9) لسان العرب ص: 648، مادة (نجل)، الجزء 11.

10) ص: 648، مادة (نجل) الجزء 11، لسان العرب.

- - -

مجلة دعوة الحق - المغربية , عدد 307 , رجب 1415.

http://www.daouatalhaq.ma/article.aspx?ida=7795&id3=278

ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[28 صلى الله عليه وسلمpr 2009, 08:08 ص]ـ

باركك الله أخ نايف وأنا أومن أن التوراة كانت عربية وكذلك الإنجيل, (مع ملاحظة التطور اللغوي والانزياحات الدلالية للكلمات والتي تحدث باختلاف الأزمة والأمكنة) ولكني أخالف المنظور الذي يقول به كمال الصليبي ومن تبعه من أن كل مراحل الدين الإسلامي كانت محصوة في قرى معدودة لم تتعدها إلى غيرها, فموسى كان في مصر غير مصرنا!! ويوسف كذلك!!! فبهذا يحصر الدين في هذه البقعة من العالم وماذا عن باقي الأماكن؟!!

ـ[لطفي الحسيني]ــــــــ[13 Nov 2010, 03:14 م]ـ

فموسى كان في مصر غير مصرنا!! ويوسف كذلك!!! فبهذا يحصر الدين في هذه البقعة من العالم وماذا عن باقي الأماكن؟!!

أحسن الله إليك، هذا من كلامك أم من كلام السيد المُشار إليه؟

ومن أين جاء هذا القول؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015