ومثل ذلك فرح الذين غرهم علمهم المادي، فوقفوا عنده، ورفضوا ما جاء به الوحي، وفيهم جاء قول الله تعالى: (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون) غافر: 83.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تكثر من الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب" [38] فالحديث واضح الدلالة على أن المنهي عنه ليس مجرد الضحك، بل كثرته، وكل شيء خرج عن حده انقلب إلى ضده.
وأما وصفه صلى الله عليه وسلم "بأنه متواصل الأحزان [39] " فالحديث ضعيف، والضعيف لا تقوم به حجة.
ويعارضه الحديث الصحيح الذي رواه البخاري، أنه كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الهم والحزن [40].
على أن ذلك الحديث لو صح لأمكن تأويله أنه كان يمسي ويصبح وهو مشغول بهموم دعوته، وهموم أمته، وما أكثرها، بالإضافة إلى هَمِّ الآخرة وأهوالها.
ولكنه مع هذا لم يضق قلبه الكبير عن المزاح والمداعبة، وإعطاء الفطرة حقها، والناس حقوقهم، وهذه هي الإنسانية الكاملة، والأسوة المثلى.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] رواه أحمد (8095) وقال محققو المسند: حديث جيد؛ وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي طارق. ورواه البخاري في الأدب المفرد (252 - 253) وابن ماجه (4193 - 4217) عن أبي هريرة، وحسنه الألباني في " الصحيحة " برقم (506) و (930).
[2] رواه أحمد (20046،20021) وأبو داود والترمذي وحسنه عن معاوية بن حيدة، كما حسنه الألباني في غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام للمؤلف (376).
[3] أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (1/ 422) والطبراني في " المعجم الكبير " (2/ 155) والحكم (3/ 460) والبيهقي في " دلائل النبوة " (1/ 285) وفي " شعب الإيمان " (1362) من حديث هند بن أبي هالة، وإسناده ضعيف، وضعفه الألباني في الشمائل المحمدية (6)، وفي فقه السيرة (202).
[4] الإحياء: كتاب السماع ص 1152، 1153. طبعة الشعب ـ بمصر.
[5] رددنا على هذا الاستدلال بتفصيل في كتابنا (فقه الغناء والموسيقى) ص 29 وما بعدها.
[6] رواه الطبراني في " الكبير " وفي " الأوسط " (8/ 301) بإسناد حسن كما في مجمع الزوائد (9/ 17). وضعفه الألباني في " مختصر الشمائل المحمدية " (294).
[7] رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (6/ 263) وفي " المعجم الصغير " (2/ 112) من حديث أنس بن مالك، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير (4488).
[8] رواه البخاري في كتاب النكاح (5189) ومسلم في كتاب الفضائل (2448) عن عاءشة.
[9] رواه أحمد (24119،24118) وقال محققو المسند: إسناده صحيح، و رواه أبو داود (2578) وابن ماجه (2010) عن عائشة وصححه الألباني في " إرواء الغليل " برقم (1502).
[10] أخرجه الحاكم (3/ 170) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: لا. وأخرجه أبو يعلى عن ابن عمر. وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى في الكبير ورجاله رجال الصحيح، ورواه البزار بسند ضعيف. انظر: مجمع الزوائد (9/ 181).
[11] الحُزُقَّة: المقارب الخطى، والقصير الذي يقرب خطاه. وعين بَقَّة: أشار إلى البقة التي تطير، ولا شيء أصغر من عينها لصغرها. والمقصود هنا فاطمة رضي الله عنها.
[12] رواه ابن أبي شيبة (6/ 380) و عبد الله بن أحمد في فضائل الصحابة (2/ 787).
[13] رواه الطبراني في الكبير (3/ 49). قال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه أبو مزرد ولم أجد من وثقه، وبقية رجاله رجال الصحيح (9/ 176). وذكره الألباني في ضعيف الأدب (40).
[14] أخرجه الترمذي في الشمائل، وعبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي وغيرهم، وحسنه الألباني في: غاية المرام (375).
[15] رواه أحمد (13817) والترمذي (1991) وقال: حسن صحيح، وأخرجه أبو داود (4998) وصححه الألباني في " الشمائل المحمدية " (202).
[16] أخرجه الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة والمزاح، ورواه ابن أبي الدنيا من حديث عبيدة بن سهم الفهري مع اختلاف، كما ذكر العراقي في تخريج الإحياء.
[17] رواه البخاري في كتاب الأدب (6129) ومسلم في كتاب الآداب (3150) عن أنس.
[18] أخرجه الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة وأبو يعلى بإسناد جيد كما في تخريج الإحياء.
¥