عليه السلام" من "الموسوعة العربية العالمية" أنه ليس ثم رأى مؤكد بتحديد الفترة التى وُجِدَتْ فيها ثمود، إلا أن بعض المؤرخين يقولون بأن الثموديين كانوا موجودين منذ أوائل القرن الأول قبل الميلاد إلى أواخر الخامس منه. وتقول موسوعة " Islam.about.com"، تحت عنوان " Prophet Salih"، إن صالحا قد أتى بعد هود بنحو مائتى عام، وإن بعض المؤرخين يحدد الفترة التى ظهر فيها ذلك النبى بخمسمائة عام قبل الميلاد. وفى مادة "ثمود" من النسخة الفرنسية من "الويكبيديا: Wikipedia" أن ثمود قد بادت قبل ميلاد النبى محمد عليه الصلاة والسلام بقليل. فثمود إذن لا تنتمى إلى ذلك الماضى السحيق الذى ذكره ابن سلام، وعليه فليس ثم موضع للحجة التى شهرها عالمنا الجليل فى وجه من يروون شعرا قاله بعض أفراد تلك القبيلة. وهكذا يتبين للقارئ أن ما قاله ابن سلام ليس بالقول الصُّلْب أبدا.

لكن ابن سلام قد أضاف قائلا فى تسفيه من ظنوا أن من الممكن وصول شعر عربى عن ثمود: "وقال يونس بن حبيب: أوّلُ من تكلم بالعربية ونَسِىَ لسانَ أبيه إسماعيلُ بن إبراهيم صلوات الله عليهما. أخبرنى مسمع بن عبد الملك أنه سمع محمد بن علي يقول: قال أبو عبد الله بن سلام، لا أدري أرفعه أم لا، وأظنه قد رفعه: أولُ من تكلم بالعربية ونسى لسان أبيه إسماعيلُ ابن إبراهيم صلوات الله عليهما. وأخبرنى يونس عن أبى عمرو بن العلاء، قال: العرب كلها ولد إسماعيل إلا حِمْيَر وبقايا جُرْهُم. وكذلك يروى أن إسماعيل بن إبراهيم جاورهم وأصهر إليهم. ولكن العربية التي عَنَى محمدُ بنُ عليّ اللسانُ الذى نزل به القرآن وما تكلمت به العرب على عهد النبى، وتلك عربية أخرى غير كلامنا هذا. لم يجاوز أبناء نزار فى أنسابهم وأشعارهم عدنان. اقتصروا على معد، ولم يذكر عدنانَ جاهلىٌّ قَطُّ غير لَبِيد بن ربيعة الكلابىّ في بيت واحد قاله. قال:

فإن لم تجد من دون عدنانَ والدًا ودون مَعَدٍّ فلْتَزَعْكَ العواذلُ

وقد رُوِىَ لعباس بن مرداس السُّلَمِىّ بيت في عدنان. قال:

وعَكّ بن عدنانَ الذين تلعَّبوا بمَذْحِجَ حتى طُرِّدُوا كلَّ مَطْرَدِ

والبيت مريب عند أبى عبد الله، فما فوق عدنان أسماء لم تؤخذ إلا عن الكتب، والله أعلم بها، لم يذكرها عربى قط. وإنما كان مَعَدٌّ بإزاء موسى بن عمران صلى الله عليه أو قبله قليلا، وبين موسى وعاد وثمود الدهر الطويل والأمد البعيد. فنحن لا نقيم في النسب ما فوق عدنان، ولا نجد لأولية العرب المعروفين شعرا، فكيف بعاد وثمود؟ فهذا الكلام الواهن الخبيث. ولم يرو قَطُّ عربى منها بيتا واحدا ولا راوية للشعر، مع ضعف أَسْره وقلة طلاوته".

والغالب على الظن أن ابن سلام يريد أن يقول إن الشعر الذى يرجع إلى ما قبل إسماعيل، وهو الشعر المنسوب إلى ثمود، التى يؤكد أنها بادت منذ آلاف السنين، هو شعر مزيف لأن إسماعيل هو أول من تكلم العربية. والطريف أن عالمنا الكبير يردف هذا بقوله إن إسماعيل قد نسى لغة أبيه، وهو ما يعنى أن إسماعيل قد اخترع العربية اختراعا، ولم يكن لها وجود من قبل. فهل هذا ممكن؟ إن اللغة لا يخترعها إنسان، بل هى نتاج تطورات طويلة معقدة غاية التعقيد. وفضلا عن هذا فإن العرب كانوا موجودين قبل إسماعيل، ومن المؤكد أنهم كانت لهم لغتهم. فبأى لغة يا ترى كانوا يتحدثون؟ أليس بالعربية؟ أليس إسماعيل الوافد عليهم قد اصطنع لغتهم ونسى لغة أبيه؟ هذا هو الوضع الصحيح للمسألة لا الذى قاله ابن سلام، لأنه هو الذى يدخل العقل ويجرى على أصول المنطق، وإلا فبأية لغة كان العرب يتكلمون قبل مجىء إسماعيل؟ كذلك قال ابن سلام شيئا لا معنى له حين ذكر أن العرب جميعا يرجعون فى نسبهم إلى ابن الخليل، بما يعنى أنهم لم يكن لهم وجود قبله. فعلى من وَفَدَ يا ترى حين أتى هو وأمه إلى مكان البيت الحرام؟ ومن أولئك الذين أصهر إليهم؟ أم ترى الجزيرة العربية لم تكن مأهولة بأحد قبل مجىء إسماعيل وأمه إليها؟ أم تراها كانت مأهولة بالناس، إلا أنهم كانوا خرسا لا ينطقون، فلم تكن لهم لغة؟ ألا يرى القارئ أن ما قاله ابن سلام فى هذا الموضوع لا يثبت على محك التمحيص؟ وحتى لو سلمنا بأن إسماعيل هو أول من تكلم العربية فإن ذلك لا يصح اتخاذه سلما لإنكار وجود شعر ثمودى بالعربية. ذلك أن إبراهيم وإسماعيل يسبقان فى الوجود قبيلة

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015