العرب بين عبارة اليوم والليلة .. ولكن كيف؟

تقسيم اليوم ووظائفه

يقسم اليوم إلى جزأين الليل والنهار لكن كلمة (اليوم) قد تخص النهار ولذلك نقول خمس صلوات في اليوم والليلة بمعنى في الليل والنهار فيكون اليوم هنا " مقداره من طلوع الشمس الى غروبها والجمع أيام" (7) لكن" قد يراد باليوم الوقت مطلقا ولا يختص بالنهار دون الليل " (8) فا صبح " اليوم يعم أجزاء الليل والنهار" (9) أي شاملة الجميع دون تحديد ..

وكون الشهر العربي (القمري) يعتمد على ظهور القمر لتحديد بداية الشهر فابتداء الشهر لدى العرب يكون من اول ليلة يظهر بها قمر الشهر يقول ابن قتيبة " وإنما أرخت (أي العرب) بالليالي دون الايام لان الليل اول الشهر فلو أرخت باليوم (أي النهار) دون الليل لذهبت من الشهر ليلة" (10) " وإنما كان عندهم كذلك لان الظلمة الأول والضياء داخل فيه وكل معتبرهم بمسير القمر فمستهله جنح العشاء وطلوعه تحت البيات" (11)

قاصبح التاريخ بالليل " فقيل: كتبت لخمس بقين وأنت في اليوم لان ليلة الشهر سبقت يومه ولم يلدها (أي اليوم) وولدته (أي الليلة) لان الأهلة لليالي دون الأيام وفيها دخول الشهر " (12)

لكن هل الزمن والتوقيت هو مقصود لفظة (اليوم) فقط؟

مفهوم آخر لليوم

اليوم يطلق على الحدث " وقد سمت العرب وقعاتها أيام فيقولون لنا يوم كذا ويوم كذا وسانح ذلك لوقوعها (أي الأحداث والوقائع) فيها" (13) حيث" يطلق اليوم بطريق المجاز على شدة وقعة وقعت فيه كقولهم يوم أحد ويوم بدر " (14) أي أن اليوم عبّر عن حدث أو واقعة وقعت فيه سواء طال زمانه أم قصر "فأيام العرب وقائعهم وأيام الله نقمه على الأمم الماضية ونعمه" (15) فزمان اليوم مازال قائما للفظة لكن تحديد هذا الزمان لم يكن هو المقصود المهم الحدث لان العرب" يستعيرونه (أي اليوم) في الأمر العظيم ويقولون نعم فلان اليوم إذا نزل" (16) فعندما نقرأ لفظة (يوم) في القران الكريم لم يعد شرطا أن نسأل عن مقدار الزمن. أيام الله او أيام الآخرة هل تخضع لمقياس الزمان من طول او قصر وأي وحدة قياس لذاك اليوم؟ فلو كان دوران الأرض حول الشمس هو المقياس للزمان واليوم فأين ذلك في عرصات القيامة وقد تلاشت الأرض وانفرط النظام الكوني؟!!!

ولا ريب إننا عندما نسمع عبارات (اليوم الآخر) و (يوم الحساب) و (يوم تقوم الساعة) وغيرها لا أظن أن الوقت مهما بقدر أهمية الحدث ..

يقول صاحب الكليات" ويومٌ أَيْوَم: أي أَزْيَد وأقوى شدة إلى غير ذلك من الموارد المقرونة بقرائن توجب أن تصحح حمل لفظ اليوم أو الأيام على ما وقع فيه من الشدة والوقعة أو الشدائد والوقائع، وعليه قوله تعالى:

(وذكرهم بأيام الله) إذ الإنذار لا يكون بنفس الأيام بل بالشدائد الواقعة فيها، وكذا قوله: (لا يرجون أيام الله) أي لا يتوقعون الأوقات التي وقتها الله لنصر المؤمنين ووعدهم بوقائعه بأعدائه وكذا قوله: (يَلْقَ

أياماً) على قراءة ابن مسعود، وهو إخبار عن لقاء الشدائد الواقعة فيها لا عن لقاء نفس الأيام،إذ لا يفيد فائدة يعتد بها عرفاً " (17)

أليس بهذا المفهوم سنخرج بجديد؟!!! ربما والله اعلم.

الهوامش:

1/مع الله في السماء د/احمد زكي ص81

2/ نفسه ص82

3/ الموسوعة العربية العالمية مادة (توقيت)

4/البرهان الزركشي ج4ص436

5/ نظم الدرر للامام البقاعي ج9ص145

6/ البحر المحيط لابي حيان الاندلسي ج10ص336

7/لسان العرب لابن منظور ج12ص649

8/نفسه

9/ الازمنة والامكنة للمرزوقي ص67

10/ ادب الكتاب لابن قتيبة ص56

11/الكليات لأبى البقاء الكفومى ص71

12/ الازمنة والامكنة ص341

13/نفسه ص68

14/الكليات ص1570

15/المعجم الوسيط لإبراهيم مصطفى واخرين ص1067

16/ مقاييس اللغة لابن فارس ج2/ص159

17/ الكليات ص1570

ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[16 صلى الله عليه وسلمpr 2009, 10:43 ص]ـ

جزاك الله خيرا أخي ونفع بك! وننتظر منك مزيدا من النظرات في كتاب الله تعالى!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015