ممكن. تقولين فلانة تحبك المهم أن تصلحي بين الناس وخاصة بين ذوي الرحم، الأسر المتفككة البيوت التي صارت عامرة بالحجارة والطوب وخربة بالمودة والمحبة! أفلست! أفلست بيوتنا غير عامرة، بيوتنا مصبوغة ومزينة من الخارج وخاوية من الداخل، أولادنا يفرون منها، أزواجنا يفرون منها، حتى نحن أنفسنا نفر منها! لأنها خراب، البيت لا يبنيه فقط الطوب والحجارة وإنما يبني بالمودة والمحبة والسكينة والخوف من الله عز وجل.

الإنفاق في سبيل الله وقلنا هذا باب كبير، ليس فقط بالمال ولكن بالابتسامة، بالمشاعر، بالوقفة الصادقة، بالتربيت على الكتف، بالدعاء بظهر الغيب، بالحب، بالمشاعر بالعواطف وكوني على ثقة كل ما أعطيت كلما سيأتيك أكثر. هكذا الرحمة الخاصة كلما كنت أكثر قرباً ونفعاً للناس كلما رجعت عليك مرة ثانية، هكذا هي أبواب مفتوحة وكل واحد يؤدي غلى الآخر. إذا كنت أكثر رحمة بالآخرين وأعطيت حباً أكثر سيرجع لي الحب أكثر أما إذا تجمدت مشاعرك ونضبت ستجدين أني أنا أيضاً أنضب ولا يمكنني أن أعطي أكثر. يقول الله عز وجل (وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (99) التوبة) انظروا كيف يكون العمل وكيف تتنزل الرحمة الخاصة. الإتقان والإحسان في العمل نفسه الذي تكلمنا عنه في آية سورة الأعراف (وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) يوسف) الرحمة الخاصة، لكن لأي شيء؟ (وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) صحيح هي رحمة خاصة يصيب بها من يشاء لأن الله عز وجل لا يثسأل عما يفعل وهم يُسألون لكن هناك عمل فعله يوسف حتى يستحق الرحمة الخاصة، ما هو؟ لا يضيع أجر المحسنين، يوسف كان من المحسنين في كل شيء كان محسناً وهو إبن، كان محسناً وهو أخ، كان محسناً وهو غريب، كان محسناً وهو يتربى في بيت العزيز، كان محسناً وهو وزير المالية، كان محسناً في كل شيء. فلأنه اتخذ الإحسان شعاراً له أدخله الله في رحمته لذلك رحمة الله قريب من المحسنين.

البر بالوالدين والرحمة بهما من أعظم الأنواع. تقولين عندي أمي أداريها أو أذهب للعمرة أقول لك إذهبي إلى أمك واجلسي عندها. تقولين عندي أبي أو أذهب للعمرة اجلسي عند أبيك لأن الأم والأب مثل شمس الأصيل بسرعة يذهبون، ومرات عديدة المشكلة أننا لا نشعر بهم إلا بعد ذهابهم نبكي عليهم. قبل أيام كنت في محاضرة فقالت لي إحدى الأخوات وهي امرأة كريمة وقالت أقسم أني أريد أن أقول هذه القصة حتى يتأثر بها الجميع فيفعلوا ما لم أفعله، قالت أنا في حياتي كلها لم تضمني أمي ولا ضممتها لأني أستحي فما كنت لا أضمها ولا تضمني ولما ماتت أمي تحسرت وتمنيت لو ضممت أمي في يوم من الأيام. الله عز وجل يقول (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) الإسراء) من شدة الرحمة المفروض أن نُظهرها لأمهاتنا كأننا صرنا طير وخفضنا الجناح واختلف المفسرون في تفسيرها بحيث قالوا ننزل حتى نكون أخفض ما يكون بالرحمة (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) هذه من أعظم الأعمال. فإذا كان لديك أم أو أب فبادري بهذا، لا نقول أمي تصرخ في وجهي، أمي تفعل، مهما فعلت أمك، هما أم وأب لا يجازون بهذا الشكل. ومن حسن الضمّ حتى لو أن أحد الأبوين أصيب الزهايمر أو فقد الذاكرة أم أي مرض من الأمراض التي تأتي مع الشيخوخة يشعر بها وإن لم يشعر بها تسجل عند رب العالمين ولذلك كان بعض الصالحين كان يأتي لما يكون جالساً بين الناس ويحدث في مجلس يأتي أبوه فيذهب إليه ويجلس عند قدميه ويقبلهما ويقول الجنة عند قدميه. تصوير رائع، شعور وإحساس، المؤمن حساس بدون عواطف لا يوجد إيمان. الإيمان ليس معناه متبلد العواطف إذا صرنا متبلدي العواطف مهما دعونا وطلبنا الرحمة أن تنزل لا تنزل. الدموع من الرحمة، الضحك من الرحمة، كل شيء من الرحمة. نحن محتاجون أن نظهر الرحمة مع بعضنا البعض.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015