(ومثلهم في الإنجيل). . وصفتهم في بشارته بمحمد ومن معه , أنهم (كزرع أخرج شطأه). . فهو زرع نام قوي , يخرج فرخه من قوته وخصوبته. ولكن هذا الفرخ لا يضعف العود بل يشده. (فآزره). أو أن العود آزر فرخه فشده. (فاستغلظ) الزرع وضخمت ساقه وامتلأت. (فاستوى على سوقه) لا معوجا ومنحنيا. ولكن مستقيما قويا سويا. .
هذه صورته في ذاته. فأما وقعه في نفوس أهل الخبرة في الزرع , العارفين بالنامي منه والذابل. المثمر منه والبائر. فهو وقع البهجة والإعجاب: (يعجب الزراع). وفي قراءة يعجب (الزارع). . وهو رسول الله [ص] صاحب هذا الزرع النامي القوي المخصب البهيج. . وأما وقعه في نفوس الكفار فعلى العكس. فهو وقع الغيظ والكمد: (ليغيظ بهم الكفار). . وتعمد إغاظة الكفار يوحي بأن هذه الزرعة هيزرعة الله. أو زرعة رسوله , وأنهم ستار للقدرة وأداة لإغاظة أعداء الله!
وهذا المثل كذلك ليس مستحدثا , فهو ثابت في صفحة القدر. ومن ثم ورد ذكره قبل أن يجيء محمد ومن معه إلى هذه الأرض. ثابت في الإنجيل في بشارته بمحمد ومن معه حين يجيئون.
وهكذا يثبت الله في كتابه الخالد صفة هذه الجماعة المختارة. . صحابة رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. . فتثبت في صلب الوجود كله , وتتجاوب بها أرجاؤه , وهو يتسمع إليها من بارى ء الوجود. وتبقى نموذجا للأجيال , تحاول أن تحققها , لتحقق معنى الإيمان في أعلى الدرجات.
وفوق هذا التكريم كله , وعد الله بالمغفرة والأجر العظيم: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما). . وهو وعد يجيء في هذه الصيغة العامة بعدما تقدم من صفتهم , التي تجعلهم أول الداخلين في هذه الصيغة العامة.
مغفرة وأجر عظيم. . وذلك التكريم وحده حسبهم. وذلك الرضى وحده أجر عظيم. ولكنه الفيض الإلهي بلا حدود ولا قيود , والعطاء الإلهي عطاء غير مجذوذ.
ومرة أخرى أحاول من وراء أربعة عشر قرنا أن أستشرف وجوه هؤلاء الرجال السعداء وقلوبهم. وهم يتلقون هذا الفيض الإلهي من الرضى والتكريم والوعد العظيم. وهم يرون أنفسهم هكذا في اعتبار الله , وفي ميزان الله , وفي كتاب الله. وأنظر إليهم وهم عائدون من الحديبية , وقد نزلت هذه السورة , وقد قرئت عليهم. وهم يعيشون فيها بأرواحهم وقلوبهم ومشاعرهم وسماتهم. وينظر بعضهم في وجوه بعض فيرى أثر النعمة التي يحسها هو في كيانه.
وأحاول أن أعيش معهم لحظات في هذا المهرجان العلوي الذي عاشوا فيه. . ولكن أنى لبشر لم يحضر هذا المهرجان أن يتذوقه. إلا من بعيد؟!
اللهم إلا من يكرمه الله إكرامهم: فيقرب له البعيد؟!
فاللهم إنك تعلم أنني أتطلع لهذا الزاد الفريد!!!
(في ظلال القرآن)
الأخ الفاضل أبا الفداء
وبكم بارك الله تعالى
وجزاكم خيرا
ـ[شاكر]ــــــــ[17 Mar 2009, 06:29 ص]ـ
بارك الله فيك اخي شاكر ورحم الله سيد قطب وتقبله من الشهداء
وبكم بارك الله أخي الفاضل
وأعتذر إذ أرسلت مشاركتي الأخيرة على عجالة فلم ألتف لمشاركتم قبل خروجي. فجزاكم الله خيرا.
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[18 Mar 2009, 11:39 م]ـ
رأي الشيخ أبو الحسن النْدوي في كتاب (*) " العدالة الأجتماعية ":
" عكفت على مطالعته في هذا الجو الهاديء اللطيف، فوجدت فيه أسلوباً جديداً من الكتابة والبحث والعرض لم أجده في كتابات الكُتَّاب الإسلاميين، وخاصة في الكتاب العرب، وذلك يحتاج إلى شيءٍ من التفصيل ".
ثم أطنب ـ رحمه الله ـ وذكر بأن أسلوب الأستاذ ليس ذلك الأسلوب الاعتذاري الذي يجري فيه أصحابه في الاعتذار عن الحضارات القائمة وأن تلك العلوم هي نهاية معرفة البشر وما إلى ذلك وقال بأن منهم:
(1) الأستاذ الإمام محمد عبده بن عبده بن حسن بن خير الله التركماني المصري الحنفي الأزهري: {1323:ت}
(2) قاسم أمين بن محمد أمين المصري الكردي (المتفرنج): {1326:ت}
(3) رفاعة رافع بن بدوي بن علي الطهطاوي الحسيني المصري: {1290:ت}
ثم أتى بأهل الهند وعلى رأسهم كما قال ـ رحمه الله ـ:
(1) سر سيد أحمد خان
(2) السيد أمير علي
(3) صلاح الدين خدابخش
(4) منشي جراغ علي
(5) محمد علي اللاهوري
(6) خواجه كمال الدين في بعض الأحيان
وعقب قائلاً:
¥