4 - ومن الفوائد أيضاً: بيان الأحكام، كقول الله عز وجل: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس) الرجل يورث كلاله يعني من تكلله النسب و أحاط به، فليس له أصل ولا فرع وارث، فمن يرثه؟! يرثه الحواشي , فهنا الله عز وجل يقول: (إن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس) والأخ أو الأخت لابد أن يكون لأم في مسألة الكلالة، فهذا الذي يرث السدس؛ ولهذا جاء: (وله أخ أو أختٌِ من أم) في قراءة سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه -.

وإليك مثال آخر في كفارة اليمين وهو قوله تعالى: (فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة) – فلم يذكر هل هي كافرة أو مؤمنة؟! وفي قراءة ليست متواترة: (أو تحرير رقبة مؤمنة).

مثال آخر: من لم يستطع العتق أو الإطعام أو الكسوة في كفارة اليمين (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) ففي قراءة غير متواترة لكنها صحيحة الإسناد: (ثلاثة أيام متتابعات) فيجب التتابع بالصوم في كفارة اليمين.

وأحياناً يحصل الجمع بين حكمين مختلفين بمجموع القراءتين، مثل: (فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يَطْهُرن) وفي القراءة الأخرى: (حتى يَطَّهَرن) فصار لابد من الأمرين، وهما انقطاع الدم و الاغتسال.

5 - ومن الفوائد أيضاً: دفع ما قد يتوهم من المعاني التي لم يردها الله كقول الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) فالسعي يطلق على ما دون العدو، يعني السير السريع، كقوله تعالى: (وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى) يعني يمشي بسرعة. مع أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى أ ن نسعى للصلاة (لا تأتوهها وأنتم تسعون) وأمرنا بأن نأتيها بحال من السكينة والوقار , فهل السعي - أي المشي بسرعة - لصلاة الجمعة هل هو مراد؟! الجواب: لا , يوضحه القراءة الأخرى غير المتواترة: (فامضوا إلى ذكر الله) فالمراد بالسعي إذاً هو العمل على حضورها وترك التشاغل عنها بالبيع وسائر العقود.

6 - ومن الفوائد أيضاً: أن يتبين بذلك لفظ مبهم، كقول الله عز وجل (وتكون الجبال كالعهن المنفوش) ما معنى العهن؟ في قراءة غير متواترة: (وتكون الجبال كالصوف المنفوش) فالعهن فسرته القراءة الأخرى أنه الصوف.

7 - ومن ذلك أيضاً: بيان أصل من الأصول أو عقيدة من العقائد لربما خالف فيها بعض المنحرفين كقول الله عز وجل (وإذا رأيت ثَمَّ رأيت نعيماً ومُلكاً كبيرا) يعني في الجنة. وفي القراءة الأخرى: (وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً ومَلِكاً كبيرا) وهذا فيه دليل على إثبات رؤية الله عز وجل لأهل الجنة، وفيه رد على من أنكر ذلك.

8 - ومن ذلك أيضا: أن القرآن معجز، فكل وجه من هذه الوجوه منزل، فهو معجزة، فتعددت وجوه الإعجاز، فكان ذلك من تعدد المعجزات.

منشأ القراءات

إذا عرفت بأن القراءات السبع ليست هي الأحرف السبعة فكيف وُجِدَت هذه القراءات؟! فنقول وبالله التوفيق: أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – تلقوا القرآن منه، وبرز منهم واشتهر بذلك طائفة ذكر الذهبي – رحمه الله- منهم في كتابه (معرفة القراء الكبار) سبعة: وهم (عثمان، وعلي، وأُبيّ، وزيد بن ثابت، وأبو الدرداء، وابن مسعود، وأبو موسى) فهؤلاء من المشاهير، كما قرأ عليهم جماعة من الصحابة رضي الله عنهم كأبي هريرة، و ابن عباس، و عبد الله بن السائب، كما أن زيداً أخذ عنه ابن عباس أيضاً, وهؤلاء الصحابة قرأ عليهم كثير من التابعين.

ولما كانت خلافة عثمان بن عفان – رضي الله عنه – بعث بعدد من المصاحف إلى عدد من الأمصار، وبعث بعدد من القراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تلك الأمصار وقبل ذلك كان قد قدم إلى تلك الأمصار، جماعة من الصحابة فأقرؤوا الناس، فأرسل عثمان رضي الله عنه عبد الله بن السائب المخزومي إلى مكة فجلس يُقرئ فيها إلى سنة 70هـ، وأرسل المغيرة بن شهاب إلى الشام فأقرأ فيها إلى سنة 91 هـ، وأقرأ فيها أبو الدرداء حتى سنة 32 هـ، وكان قد أقرأ فيها أيضاً عبادة بن الصامت، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم، وكان قد بعث الثلاثة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل عثمان، فأقرأ عبادة بحمص، وأبو الدرداء بدمشق، ومعاذ بفلسطين. كما أن عثمان رضي الله عنه

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015