تعجبهم سبباً لاستماعهم، واستماعهم سبباً لاستماع ما بعده، فترق القلوب وتلين الأفئدة.

وقد ذكر العلماء الذين عولوا على الحساب وإحصاء الحروف أن هذه الحروف تشير إلى إعجاز القرآن، فهذا القرآن الذي يتلوه عليكم محمد صلى الله عليه وسلم من جنس كلامكم وسنخ حروفكم؛ إذ أن هذه الحروف يرد بعدها غالبا ذكر (القرآن) أو (الكتاب) معظماً مفخماً، والإشارة إلى إعجازه وكماله وحسن نظمه وتأليفه.

وقد ذكر الله تعالى الحروف الهجائية التي تتركب منها الألفاظ في أوائل السور تحديا للبشر بأن يركبوها وينظموها فيأتوا بمثل القرآن؛ يقول ابن كثير: (ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بياناً لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله؛ هذا مع أنه مرّكب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها؛ وقد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره والمبرد والمحققون، وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا ووزره الزمحشري في كشافه ونصره أتم نصر وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية)

ويوضح الإمام القرطبي رحمه الله هذا الإحصاء بقوله: (إن الحروف المذكورة في أوائل السور هي حروف المعجم التي استغنى بذكر ما ذكر منها عن بواقيها التي هي تتمة الثمانية والعشرين … ومجموع هذه الحروف (المذكورة) أربعة عشر حرفاً … يجمعها قولك (نص حكيم قاطع له سر) وهي نصف الحروف عدداً؛ والمذكور منها أشرف من المتروك وبيان ذلك من صناعة التصريف؛ وهذه الحروف الأربعة عشر على أنصاف أجناس الحروف يعني من المهموسة والمجهورة ومن الرخوة والشديدة ومن المطبقة والمفتوحة ومن المستعلية والمنخفضة ومن حروف القلقلة … ومن قال من الجهلة إن في القرآن ما هو تعبدي لا معنى له بالكلية - فقد أخطأ خطأ كبيراً)

. وقال القاضي أبو بكر (إنما جاءت على نصف حروف المعجم كأنه قيل: من زعم أن القرآن ليس بآية فليأخذ الشطر الباقي ويركب عليه لفظا معارضة للقرآن، وقد علم ذلك بعض أرباب الحقائق)

ولمثل ذلك الإحصاء عند العلماء نماذج عديدة ولكن هولاء العلماء يوضحون الدلالة ويبينون المعنى ويظهرون المقصود؛ إذ لا يكفي في الإعجاز أن تنصب له قولا مجملا أو دليلا مبهما. وعندما نقول أن عدد الشئ الفلاني في القرآن كذا فإنه يجب أن نقول إن مقصود الله تعالى منه كذا ويعضدده كذا والدليل كذا وكذا

ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[26 Feb 2009, 07:44 م]ـ

أنا لست من المتحمسين الآن للإعجاز العددي بمعطياته الحالية وبمعالجاته الراهنة ولكني مؤمن بأن كلام الله منضبط وفيه من النظام ما ليس في غيره من سائر أنواع الكلام

هو ما ذكرته أخي الفاضل، فالإعجاز العددي هو السبيل لفهم هذا النظام، وإثبات أن كتاب الله الكريم كتاب منظم بعيد عن الفوضى التي يراها البعض. كيف نرد على من يزعم أن الآية رقم 31 في سورة المدثر هي مما أضيف إلى القرآن بحجة طولها الزائد غير المنسجم مع باقي الآيات؟

ما الرد على من يزعم أن التفاوت بين أعداد الآيات في سور القرآن لا يخضع إلى أي اعتبار، وأنه شكل من الفوضى؟

ما الرد على من يزعم زيادة الآيتين 128 و 129 في سورة التوبة؟

لا يمكن الرد على هذه المسائل وأمثالها بمقالة في البلاغة، الرد هنا هو من مهمات الإعجاز العددي .. لقد ادخر القرآن في ترتيبه الرد على كل ما يثار حوله من شبهات وافتراءات في نظامه العددي ... أما اكتشاف هذا النظام فيحتاج إلى جهود المخلصين ومحبي القرآن، وتعاون الجميع وليس تبادل التهم.

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[26 Feb 2009, 08:25 م]ـ

كلامك صحيح أخي عبد الله جلغوم وأنا ذكرت أنه لابد من توضيح الدلالة وبيان المقصود وأقصد بالمعنى والمقصود والدلالة ليس الدلالة البلاغية وحدها بل أقصد الهدف والمراد والغاية.

وقولي "أنا لست من المتحمسين الآن للإعجاز العددي بمعطياته الحالية وبمعالجاته الراهنة" ليس معناه إنكار هذا الجانب ولا يعني أنني ضد الاتجاه، وسياقي يوضح ذلك وقد ذكرت إيماني بانضباط كلام الله، وهذا كله يوضح المعنى الذي أقصده

وعدم حماسي الآن لعدم نضوج هذا الجانب وربما ينقلب عدم حماسي تماما إذا أقنعتني النماذج

ولكن أخي أرجو للفائدة توضيح ما ذكرته في الآية رقم 31 من سورة المدثر والآيتين 128 و 129 من سورة التوبة

ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[26 Feb 2009, 10:43 م]ـ

ولكن أخي أرجو للفائدة توضيح ما ذكرته في الآية رقم 31 من سورة المدثر والآيتين 128 و 129 من سورة التوبة

الزعم بأن الآيتين من سورتي التوبة ليستا من القرآن يعود لرشاد خليفة، في دراسته المنحرفة المعروفة، وهناك من يتبى هذا الزعم حتى الان. وقد وصلني بحث من بعضهم يؤكد هذا الزعم من مدة، يطالبني بإثبات بطلان هذا الزعم.

فأما الآية 31 سورة المدثر، فمن المعلوم أنها الآية المثيرة للجدل بطولها الزائد، فعدد كلماتها هو 57 كلمة، وهو عدد رآه باحث من غير المسلمين ومن المعروفين بعدائهم للقرآن، دليل على أنها مما زيد على القرآن ..

أين المشكلة هنا: خصوم القرآن أو المفترون عليه، يستخدمون العدد 19 والعلاقات التي يبنونها عليه في محاولة اثبات تحريف القرآن. الرد على هؤلاء يجب أن يكون باستخدام الأسلحة نفسها التي يستخدمونها (العدد القرآني) وبالذات العدد 19 ..

ولا يكفي في مواجهة هؤلاء، أن يزعم أحدنا أن عدد حروف البسملة 20 وليس 19، يحسب أنه بذلك سيهدم الإعجاز العددي من جذوره .. بالعكس إنه يزيد المفترين قوة، لأن القاريء حينما يذهب إلى المصحف سيجد أن عدد حروف البسملة هو 19 ..

فمن يصدق؟

المشكلة الأخرى: إن الباحث في الاعجاز العددي لدينا - مهما كان صادقا، ومهما كان جادا، ومهما كان مبدعا، يجد نفسه في مواجهة خصمين، لا يقل الصديق منهما في عداوته عن العدو ...

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015