16 - ذكر (مرفقاً) يتناسب مع مطلبهم من قبل (رشداً)، والمرفق هو كل ما ينتفع به، ولم يأت (رشداً) كما طلبوا في الدعاء، كحال بقية مطلوباتهم، وإنما جاء تحديد ذلك بـ (مرتفقاً) لأنه الأنفع لهم، وهو الذي تقوم به حاجتهم.

17 - تقديم (لكم) في الموضعين يشعر بالاهتمام بشأنهم، وفيه تشويق لهذا الذي يختصون به، يقول، أبو السعود:" وتقديمُ لكم في الموضعين لما مر مراراً من الإيذان من أول الأمر بكون المؤخر من منافعهم والتشويقِ إلى وروده".

?وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً?

1 - هذا بيان لحالهم لما أووا إلى الكهف، وفي الكلام حذف هو قمة البلاغة والتقدير فأووا إلى الكهف، واتخذوا أمكنتهم، فكان من حالهم أنك ترى الشمس إذا طلعت .... ، وإنما حذف لأنه مفهوم، ولا تتعلق به أحداث مهمة.

2 - في قوله (وترى) توجيه للخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم، أو لكل من يحسن معه الخطاب، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرَ ذلك، وإنما ذُكر فعل الرؤية للتدليل على أنه من العلم الصحيح الذي يقوم مقام الرؤية، كما أن في فعل الرؤية ما يحرك الوجدان، ويجلب الصور إلى الذهن حتى لكأنها قائمة، وذلك أوقع في النفس وأكثر أثراً.

3 - ذكر الشمس خصوصاً في الرؤية (وترى الشمس) لأنها أبرز المُشاهدات، ويُستدل من خلالها على أمور كثيرة.

4 - ذكر حالة (الطلوع) إذا طلعت، وكونها بـ (إذا) فيه دلالة على القطع بذلك، وذكر الطلوع أولاً، لأنه الأول، ولأنه سلطان الشمس، ولأنه الذي يتلو النوم الذي هو سمتهم.

5 - في ذكر مادة (الزور) (تزاور) وبصيغة التفاعل ما يشير إلى نوع انحراف غير مألوف عن مكانهم.

6 - إضافة الكهف إليهم (كهفهم) لأنه أصبح مأواهم، وربما لم يدخله غيرهم، أو لم يبق أحد فيه كبقائهم فيه حتى أصبح كأنه لهم.

7 - "الإتيان بفعل المضارعة للدلالة على تكرر ذلك كل يوم".

8 - تحديد جهة التزاور، وأنها (ذات اليمين)، وذكرها أولاً فيه عناية بشأن هذه الجهة إما لإدخال النور عليهم، وإما لأنها الأمر الخارج عن المألوف في حركة الشمس، وذكر (ذات) دون (يميناً) فيه إلماح بقصد الجهة صاحبة اليمين، لأن (ذات) بمعنى صاحب، وقد يراد أنها تميل عن الكهف إلى جهة اليمين، فيدخل فيه قليل من شعاعها لتطهيره من دون أن يؤذيهم ذلك وهم نائمون.

9 - ذكر الحالة المقابلة لطلوع الشمس وهي الغروب (وإذا غربت) لاستكمال الأحوال، إذا قد يرد سؤال عن ذلك مفاده: وما شأنها عند الغروب.

10 - ذكر مادة (القرض) المشعرة بالقطع تدل على سرعة غروب الشمس عن كهفهم، يقول الشنقيطيي: تقرضهم "من القرض بمعنى القطيعة والصرم، أي تقطعهم وتتجافى عنهم، ولا تقربهم، وهذا المعنى معروف في كلام العرب، ومنه قول غيلان ذي الرمة:

نظرت بجرعاء السبية نظرة ضحى وسواد العين في الماء شامس

إلى ظعن يقرضن أفواز مشرف شمالاً وعن أيمانهن الفوراس

فقوله: «يقرضن أفواز مشرف» أي يقطعنها، ويبعدنها ناحية الشمال".

11 - ذكر الجهة الأخرى وهي الشمال (ذات الشمال) فيه عناية ببيان حال كلا الجهتين.

12 - الجملة الحالية (وهم في فجوة منه) تدل على أنهم في مكان لا تصلهم فيه الشمس بتقدير العزيز العليم، يقول ابن عاشور:" والفجوة: المتسع من داخل الكهف، بحيث لم يكونوا قريبين من فم الكهف، وفي تلك الفجوة عون على حفظ هذا الكهف كما هو".

13 - هذا التدبير العجيب "يدل على أن فم الكهف كان مفتوحاً إلى الشمال الشرقي، فالشمس إذا طلعت تطلع على جانب الكهف ولا تخترقه أشعتُها، وإذا غربتْ كانت أشعتها أبعد عن فم الكهف منها حينَ طلوعها، وهذا وضع عجيب يسّره الله لهم بحكمته ليكون داخلُ الكهف بحالة اعتدال؛ فلا ينتاب البِلى أجسادَهم، وذلك من آيات قدرة الله.

14 - ذكر الشمس وأحوالها معهم فيه دليل على خرق العادة، وعظم شأن الشمس مع النائمين، أو ساكني الكهوف، بدليل (ذلك من آيات الله).

15 - الإشارة بالبعيد (ذلك) لتعظيم شأن تلك الآيات للفت النظر إليها.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015