16 - كون ذلك من (آيات الله) الظاهر فيه دعوة للتفكير في مدبر ذلك، وكيف حفظهم، وهيَّأ لهم تلك الأجرام وذلك المكان.

17 - ذكر الاهتداء والضلال في ختام الآية ?مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِدا? يشير إلى أن مثل هذا يقود إلى هداية الله، ومن يضل بعد هذا فلن يجد مَنْ يرشده.

18 - ما ألطف ذكر الرشد والولاية هنا (ولياً مرشداً) لأن ما حصل هو مقتضى هذين الوصفين، فالله هو وليهم وناصرهم، وهو مرشدهم سبحانه، لأن المرشد هو:"الذي يُبين للحيران وجه الرشد، وهو إصابة المطلوب من الخير".

?وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً?

1 - هذه حالة أخرى تتعلق بوصف هيآتهم بعد وصف مكانهم.

2 - ذكر مادة (الحسبان) فيه إشارة أن صورتهم قد توهم خلاف الحقيقة، يقول ابن عاشور:" ومعنى حسبانهم أيقاظاً: أنهم في حالة تشبه حال اليقظة، وتخالف حال النوم، فقيل: كانت أعينهم مفتوحة".

3 - "صيغ فعل (تحسبهم) مضارعاً للدلالة على أن ذلك يتكرر مدة طويلة".

4 - تقديم حالة اليقظة في الحسبان (أيقاظاً) لغرابتها، فالحالة الغالبة لحالهم هي النوم، ومع هذا من يراهم يظن أنهم مستيقظون، وهذا أعظم في رد الشر عنهم وهو من تيسير الله لهم.

5 - ذكر الجملة الحالية (وهم رقود) لبيان حقيقة الأمر، وإنما جاءت حالة اليقظة بالاسم (أيقاظاً)، وحالة الرقود بالجملة (وهم رقود)؛ لأن الأولى متوهمة غير مؤكدة ولا ثابتة، بينما الثانية مؤكدة وثابتة، والجملة أقوى في ذلك من المفرد.

6 - ذكر التقليب ونسبته إلى الله بضمير الجمع (ونقلبهم) فيه عظم المنة عليهم، إذا المتولي أمرهم هو ربهم سبحانه، والتقليب مهم لبقاء حالتهم، وإلا تعفنوا، أو تضرروا، أو أكلتهم الأرض، ولو كان التقليب من فعلهم لقيل: (ويتقلبون).

7 - "الإتيان بالمضارع للدلالة على التجدد ".

8 - تحديد جهات التقليب (ذات ا ليمين، ذات الشمال) لبيان استكمال التقليب لكلا الجهتين، وحتى لا يُتوهم أنهم تقلبوا على جهة واحدة فحسب.

9 - ذكر الكلب معهم ونسبته إليهم (وكلبهم) مع أنه من أخبث الحيوانات فيه إشارة إلى شرف صحبة الأخيار، وأن من يفعل ذلك يربح ولو ذكراً حسناً، يقول الشنقيطي: "واعلم أن ذكره جل وعلا في كتابه هذا الكلب، وكونه باسطاً ذراعيه بوصيد كهفهم في معرض التنويه بشأنهم - يدل على أن صحبة الأخيار عظيمة الفائد، وقال ابن كثير:"وشملت كلبَهم بركتهم، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال. وهذا فائدة صحبة الأخيار؛ فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن.".

10 - ذكر هيئة الكلب (باسط ذراعيه بالوصيد) فيه دلالة على كونه على هيئة مناسبة للحراسة، وهذا آمَنُ لهم.

11 - قصر حالة التقليب عليهم "يدل على أن تقليبهم لليمين وللشمال كرامة لهم، بمنحهم حالة الأحياء وعناية بهم، ولذلك لم يذكر التقليب لكلبهم بل استمر في مكانه باسطاً ذراعيه شأن جلسة الكل."، ولهذا قيل: إن "عدم تقليب الكلب عن يمينه وشماله يدل على أن تقليبهم ليس من أسباب سلامتهم من البلى، وإلا لكان كلبهم مثلهم فيه، بل هو كرامة لهم".

12 - قد يكون عدم تقليب الكلب عائدا إلى كونه رمزاً لحفظهم ممن يقترب منهم، فلو كان يتقلب مثلهم، لربما لفت الأنظار لأنه على باب الكهف.

13 - تحديد مكان الكلب (بالوصيد) الذي هو مدخل الكهف (الباب، أو عتبته) يتناسب مع تهيئة المكان لهم، بحيث أصبح صحيَّاً بحركة الشمس المذكورة، وآمناً بوجود هذا الكلب.

14 - "الاطلاع: الإشراف على الشيء ورؤيته من مكان مرتفع، لأنه افتعال من طَلع إذا ارتقى جَبلا، فصيغ الافتعال للمبالغة في الارتقاء، وضمن معنى الإشراف فعدِّي بـ (على)، ثم استعمل ... في رؤية الشيء الذي لا يراه أحد".

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015