- لم ينكر ابن حزم الإعجاز البلاغي كإنكار النظام – وهو صاحب النظرية - الذي جعل البلاغة القرآنية في مقدور البشر لولا الصرف، أما ابن حزم فلم يقل بذلك بل جعل البلاغة القرآنية ليس من نوع بلاغة الناس؛ إذ أن آيات الأنبياء خارجة عن المعهود.

- كره ابن حزم القول بأن " إعجاز القرآن إنما كان لأنه في أعلى درج البلاغة" ووصفه بأنه خطأ شديد يقول "ولو كان ذلك - وقد أبى الله عز و جل أن يكون - لما كان حينئذ معجزة لأن هذه صفة كل باسق في طبقته والشيء الذي هو كذلك وإن كان قد سبق في وقت ما - فلا يؤمن أن يأتي في غد ما يقاربه بل ما يفوقه " ويقول أيضا "وقد بينا في غير هذا المكان أن القرآن ليس من نوع بلاغة الناس لأن فيه الأقسام التي في أوائل السور والحروف المقطعة التي لا يعرف أحد معناها وليس هذا من نوع بلاغة الناس المعهودة وقد روينا عن أنيس أخي أبي ذر الغفاري رضي الله عنهما أنه سمع القرآن فقال "لقد وضعت هذا الكلام على ألسنة البلغاء وألسنة الشعراء فلم أجده يوافق ذلك" أو كلاما هذا معناه فصح بهذا ما قلناه من أن القرآن خارج عن نوع بلاغة المخلوقين وأنه على رتبة قد منع الله تعالى جميع الخلق عن أن يأتوا بمثله " ويقول أيضا " فلو كان إعجاز القرآن لأنه في أعلى درج البلاغة لكان بمنزلة كلام الحسن وسهل بن هارون والجاحظ وشعر امرئ القيس ومعاذ الله من هذا لأن كل ما يسبق في طبقته لم يؤمن أن يأتي من يماثله ضرورة فلا بد لهم من هذه الخطة أو من المصير إلى قولنا أن الله تعالى منع من معارضته فقط "

- البلاغة والنظم القرآني عند ابن حزم أمر معجز، وهذه البلاغة قد بلغ الله بها ما أراد، ولكن النظم عنده غير قابل للتعليل فلا يقال لماذا قال الله كذا ولم يقل كذا؟ وهذا سؤال جوهري عند كل من يدرس البلاغة القرآنية لتوضيح الفروق، لكن ابن حزم يقول "لا يسأل الله تعالى عما يفعل ولا يقال له لم عجزت بهذا النظم دون غيره ولم أرسلت هذا الرسول دون غيره ولم قلبت عصا موسى حية دون أن تقلبها أسدا وهذا كله حمق ممن جاء به لم يوجبه قط عقل وحسب الآية أن تكون خارجة عن المعهود فقط"

- جمع ابن حزم في الإعجاز بين النظم والإخبار الغيب يقول " ما المعجز منه أنظمه أم ما في نصه من الإنذار بالغيوب فقال بعض أهل الكلام أن نظمه ليس معجزا وإنما إعجازه ما فيه من الأخبار بالغيوب وقال سائر أهل الإسلام بل كلا الأمرين معجز وإنما إعجازه ما فيه من الأخبار بالغيوب وقال سائر أهل الإسلام بل كلا الأمرين معجز نظمه وما فيه من الأخبار بالغيوب وهذا هو الحق الذي ما خالفه فهو ضلال وبرهان ذلك قول الله تعالى فأتوا بسورة من مثله فنص تعالى على أنهم لا يأتون بمثل سورة من سوره وأكثر سوره ليس فيها إخبار بغيب فكان من جعل المعجز الإخبار الذي فيه بالغيوب مخالفا لما نص الله تعالى على أنه معجز من القرآن فسقطت هذه الأقاويل الفاسدة "

- دعا ابن حزم إلى عدم تعيين آية مخصوصة بأنها معجزة؛ يقول "أما ذكرهم "ولكم في القصاص حياة" وما كان نحوها من الآيات فلا حجة لهم فيها ويقال لهم إن كان كما تقولون - ومعاذ الله من ذلك - فإنما المعجز منه على قولكم هذه الآيات خاصة وأما سائره فلا، وهذا كفر لا يقوله مسلم فإن قالوا جميع القرآن مثل هذا الآيات في الإعجاز قيل لهم فلم خصصتم بالذكر هذه الآيات دون غيرها إذا؟ وهل هذا منكم إلا إيهام لأهل الجهل أن من القرآن معجزا وغير معجز ثم نقول لهم قول الله تعالى "وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا" أمعجزا هو على شروطكم في كونه في أعلى درج البلاغة أم ليس معجزا؟

فإن قالوا ليس معجزا كفروا وإن قالوا أنه معجز صدقوا

وسئلوا هل على شروطكم في أعلى درج البلاغة؟

فإن قالوا نعم كابروا وكفوا مؤنتهم لأنها أسماء رجال فقط ليس على شروطهم في البلاغة" أهـ

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015