ونفس ما اخبر به القرآن في باب توحيد الله وأسمائه وصفاته أمر عجيب خارق للعادة لم يوجد مثل ذلك في كلام بشر لا نبي ولا غير نبي. وكذلك ما أخبر به عن الملائكة والعرش والكرسي والجن وخلق آدم وغير ذلك ونفس ما أمر به القرآن من الدين والشرائع كذلك ونفس ما أخبر به من الأمثال وبينه من الدلائل هو أيضا كذلك

ومن تدبر ما صنفه جميع العقلاء في العلوم الإلهية والخلقية والسياسية وجد بينه وبين ما جاء في الكتب الإلهية التوراة والإنجيل والزبور وصحف الأنبياء وجد بين ذلك وبين القرآن من التفاوت أعظم مما بين لفظه ونظمه وبين سائر ألفاظ العرب ونظمهم فالإعجاز في معناه أعظم وأكثر من الإعجاز في لفظه وجميع عقلاء الأمم عاجزون عن الإتيان بمثل معانيه أعظم من عجز العرب عن الإتيان بمثل لفظه. أهـ

وكلام ابن تيمية ليس فيه ما يدل على أنه يوافق القول بالصرفة؛ وذلك للآتي:

- كان ذلك الكلام مجرد استطراد في شرح الصرفة ومن الواضح جدا أنه كان يتحدث عن وجوه الإعجاز القرآني بصورة عامة فحسب.

- تبدو تلك الطريقة الكلامية واضحة في العرض " فإن قيل كذا قلنا كذا وإن كان كذا كان كذا " وقوله " ثبت كونه خارقا على تقدير النقيضين النفي والإثبات"

- هذا الأمر كان على سبيل المجادلة والمحاجة مع الخصم

- قوله " فالصواب المقطوع به أن الخلق كلهم عاجزون عن معارضته"

- قوله " نظم القرآن وأسلوبه عجيب بديع ليس من جنس أساليب الكلام المعروفة"

- يكفي أنه وصفها بأنها "أضعف الأقوال" في الإعجاز

ب- كلام ابن تيمية في العقيدة الأصفهانية

تناول ابن تيمية نظرية الصرفة في هذا الكتاب عرضا عند كلامه عن قرآن مسيلمة الكذاب كقوله: يا ضفدع بنت ضفدعين

كم تنقنقين

لا الماء تكدرين

ولا الشارب تمنعين

رأسك في الماء وذنبك في الطين

وقوله:

الفيل وما أدراك ما الفيل

له زلوم طويل

إن ذلك من خلق ربنا الجليل

ثم تكلم عن قدوم وفد بني حنيفة على أبي بكر وسؤالهم أن يقرأوا له شيئا من قرأن مسيلمة فاستعفوه فأبى أن يعفيهم حتى قرأوا شيئا من هذا "قال لهم الصديق ويوحكم أين يذهب بعقولكم إن هذا كلام لم يخرج من إل أي من رب فاستفهم استفهام المنكر عليهم لفرط التباين وعدم الالتباس وظهور الافتراء على هذا الكلام وإن الله سبحانه وتعالى لا يتكلم بمثل هذا الهذيان" "وأما الطرق فكثيرة جدا متنوعة من وجوه وليس كما يظنه بعض الناس وإن معجزته من جهة صرف الدواعي عن معارضته وقول بعضهم إنه من جهة فصاحته وقول بعضهم من جهة إخباره بالغيوب إلى أمثال ذلك فإن كلا من الناظرين قد يرى وجها من وجوه الإعجاز وإن لم ير غير ذلك الوجه واستيعاب الوجوه ليس هو مما يتسع له شرح هذه العقيدة

كلام ابن القيم عن الصرفة

تناول ابن القيم نظرية الصرفة في كتابه بدائع الفوائد أثناء كلامه عن تقصير المتكلمين في بيان الإعجاز القرآني وقد نقل بعض الوجوه التي ذكرها أستاذه ابن تيمية وذكر كما ذكر ابن تيمية أن الصرفة أضعف الوجوه، ثم حدد بعض الوجوه الأخرى للإعجاز وقال "فتأمل هذا الموضع من إعجاز القرآن تعرف فيه قصور كثير من المتكلمين وتقصيرهم في بيان إعجازه وأنهم لن يوفوه عشر معشار حقه حتى قصر بعضهم الإعجاز على صرف الدواعي عن معارضته مع القدرة عليها وبعضهم قصر الإعجاز على مجرد فصاحته وبلاغته وبعضهم على مخالفة أسلوب نظمة لأساليب نظم الكلام وبعضهم على ما اشتمل عليه من الإخبار بالغيوب إلى غير ذلك من الأقوال القاصرة التي لا تشفي ولا تجدي وإعجازه فوق ذلك ووراء ذلك كله "

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[27 Feb 2009, 04:23 م]ـ

تناول ابن حزم نظرية الصرفة في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل والحق أن آراء ابن حزم في الإعجاز القرآني عموما تحتاج إلى بحث متعمق لغرابتها بعض الشيء، وهذا عرض سريع لبعض ذلك:

- قال ابن حزم بالصرفة والحيلولة دون المعارضة يقول "ولكن الإعجاز في ذلك إنما هو أن الله عز و جل حال بين العباد وبين أن يأتوا بمثله ورفع عنهم القوة في ذلك جملة وهذا مثل لو قال قائل إني أمشي اليوم في هذه الطريق ثم لا يمكن أحد بعدي أن يمشي فيها وهو ليس بأقوى من سائر الناس وأما لو كان العجز عن المشي لصعوبة الطريق وقوة هذا الماشي لما كانت آية ولا معجزة "

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015