كان أول ما أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم سورة العلق لتكون إعلاما بإنسانية الإنسان!! نعم .. ربما تتعجب من كلامي .. فتقول: إنما ليكون العلم هو أو لالطريق .. فأقول: نعم، ولكن لماذا العلم؟ أليس الله ربك؟ أليس خلقك؟ أليس قادر على إفنائك؟ أليس قادر على أن يحول قلبك وعقلك لتكون أشد الناس إيمانا في لحظة حيث يقول كن فيكون؟ .. ولكن شيئا من ذلك لم يحدث مع قدرته تعالى عليه .. لقد قال لك ((اقرأ)) .. لتؤمن عن بينة وعلم .. لا عن قدر إلهي محض خالص من أسبابه على طريقة المعجزات .. اقرأ أيها الإنسان لتعرف ما تؤمن به فسوف تحاسب عليه .. اقرأ .. فهو أول الطريق .. العلم.

الحركة التربوية:

من هنا يكون محكنا الأول في تربية الشباب المسلم في العام 2009 اقرأ .. تحتاج إلى أن تقرأ ..

- اقرأ القرآن من جديد كخطاب لك أنت ..

- اقرأ السيرة النبوية لتستلهم منها حركتك التي تعبد بها ربك

- اقرأ الرحيق المختوم لتعرف مختصرا عن الدعوة كيف قامت وإلى أين انتهت

- اقرأ كتاب التوحيد لابن عبد الوهاب لتدرك الشرك الأكبر الذي يحدث في قبور الصالحين

- اقرأ زاد المعاد لابن القيم لتعرف أنه لا فرق بين الفقه والسيرة والحركة إلا في أذهاننا التي خربطت الرواسب برامجها التلقائية

- اقرأ حصن المسلم ليكون جزءا من يومك ذكر لله تعالى ثابت لا يتبدل بحال

- اقرأ مقدمة ابن خلدون لتعرف حقيقة المجتمع وضرورة بناء المجتمعات وأنه لا إنسانية ولا قيام إلا بذلك

- اقرأ اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية لتعرف موقفك المفاصل من الكفر وأهله.

وهكذا لابد من إعداد برنامج (تأهيلي) للشباب السالك للطريق .. يتم إعداد بعناية و (أمانة) ومن لا يجد في نفسه القدرة على (تكاليف) الأمانة فليوكل الأمر لمن هو أقدر عليه.

ولا حجة في مبدأ (البداءة بالعلم) للدعاة الذين يشغلون الشباب بالمفضول عن الفاضل، أو بما لا يناسب الحال الذي يتطلب منهم تكاليف خاصة تناسب الموقف. فإن سورة العلق جاء العلم فيها متناسبا مع حال من يتم تعليمه! انظر:

((اقرأ .. باسم ربك الذي خلق .. خلق الإنسان من علق .. ))

فلما كان حال من يتم تعليمه هو الاحتياج للتوحيد فإن أول ما علمه إياه هو ما يكون من لازمه ومقتضاه التوحيد .. فهو الخالق .. خالق الإنسان من علق .. فعلمه ما يتناسب مع حاله .. علمه ما يحتاجه من العلم ..

وهكذا على الدعاة أن يكونوا أكثر (أمانة) في أن يعلموا الشباب ما يجتاجونه – حقا – من العلم .. لا أن يشغلوهم على طريقة البيزنطيين والمتنطعين.

فكما أن العلم نقل محمدا صلى الله عليه وسلم من الجاهلية إلى الإسلام .. فعلينا أن ننقل الشباب في عام 2009 بالعلم من الحال التي هم فيها إلى الحال التي نريد .. وهذا يقتضي أن نجهز لهم برنامجا للقراءة محددا بمدة وممنهجا بعناية ويخضع لاختبار مخطط كذلك وعمليات تصفية وانتقاء لوضعهم بعدها في البرنامج المناسب لهم ..

سورة القلم .. التأهيل النفسي للداعية بعد البرنامج العلمي ..

تحيرت نوعا في قضية سورة القلم وأنها نزلت بعد العلق .. فموضوع السورة يدل على أنها نزلت في شدة احتدام الدعوة والاتهام بالجنون .. ولا يتناسب أبدا مع الفترة التي تلي نزول سورة العلق وقبل نزول المدثر والمزمل اللتين تشيران إلى نزولهما قبل المواجهة بالدعوة .. بل ولا تتناسب كذلك مع الفترة التي كانت الدعوة فيها فردية قبل أن تكون جماعية جهرية والتي هي ثلاث سنوات .. ولم أر أنه صحّ في سبب نزولها شيء ـ إلا أثر ابن عباس في وصف الزنيم ففيه كلام بالصحة وهو جزئي كذلك لا يدل على السورة كوحدة ـ!

وبناءا على ذلك كدت أجزم أن سورة القلم ليست الثانية بعد العلق ـ خاصة أني لا أعرف مدى صحة الروايات التي تجعلها الثانية والأمر كله إلى الآن عندي ظني محتمل ـ إلا أن ثمة إشارة ربطت المناسبة بين سورتي العلق والقلم .. ألا وهي مناسبة ذكر (القلم) .. والاتفاق المعنوي بين القراءة والقلم الذي هو أداة الكتابة المقروءة .. وهذه المناسبات التي تلقي روحها الخفية في النفس معهودة بالقرآن وقد وقفت عليها كثيرا ..

ولسائل هنا أن يسأل: وما ارتباط المحتوى التربوي بالسورة بسياقه المناسب من سورة العلق إذا قلنا بنزول القلم بعد العلق؟

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015