6 - رواية علي بن أبي طلحة
قال ابن جرير الطبري حدثنا المثنى ثنا عبد الله بن صالح (كاتب الليث ضعيف) قال ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) قال:
من جحد ما أنزل فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق.
وعلي بن أبي طلحة (وهو سالم بن المخارق) مختلف فيه وتفسيره عن ابن عباس من طريق مجاهد وغيره ولم يذكرها ..
وقد أثنى عليها الإمام أحمد في كلمته المشهورة واعتمد البخاري عليه في التفسير كثيرا.
وهي كالشاهد لما مر من آثار عن ابن عباس وعطاء وطاووس ..
7 - رواية أبي مجلز:
ومن هذه الروايات التي تؤيد صحة قول ابن عباس:
ما رواه الطبري في تفسيره (رقم: 12025 و 12026) عن عمران بن حدير: قال:
أتى أبا مجلز (وهو لاحق بن حميد الشيباني السدوسي وهو تابعي ثقة)
ناس من بني عمرو بن سدوس (وهو من الإباضية الخوارج على الأغلب)
فقالوا: يا أبا مجلز، أرأيت قول الله (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) أحق هو؟
قال: نعم ..
قال: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْظالمُونَ) أحق هو؟
قال: نعم، قالوا:
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفاسقُونَ) أحق هو؟
قال: نعم.
قال: فقالوا: يا أبا مجلز، فيحكم هؤلاء بما أنزل الله؟
قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه يقولون، وإليه يدعون، فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنبا،
فقالوا: لا والله، ولكنك تفرق! (أي تخاف)
قال: أنتم أولى بهذا مني! لا أرى، وإنكم ترون هذا ولا تحرجون!
ولكنها أنزلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك، أو نحوا من هذا.
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناداه صحيحان.
وقال الشيخ محمود شاكر فيما نقله عنه أخيه المحدث:
ومن البين أن الذين سألوا أبا مجلز من الإباضية، إنما كانوا يريدون أن يلزموه الحجة في تكفير الأمراء. اهـ
التعليق على هذه الروايات:
وضح أن المروي عن ابن عباس مطلق، ومقيد ..
المطلق قوله: هي كفر - أو - هي به كفر .. وهذا لا يختلف في صحته.
والمقيد قوله: كفر دون كفر أو – ليس بالكفر الذي يذهبون إليه ..
وهذا متكلم فيه ولكن يؤيده قوله في رواية ابن أبي حاتم: هي كبيرة.
وسندها صحيح كما أسلفنا ..
فالأولى للجمع حمل الطلق على المقيد فيتضح المقصود ..
وهو ما تشهد له الروايات الأخرى عن طاووس وعطاء وأبي مجلز وغيرهم ..
فإن قال قائل: قوله في الآية (فأولئك هم الكافرون) معرفة بالألف واللام فالمراد الكفر الأكبر إلا إذا جاءت قرينة تصرفه عن ظاهره ..
قلنا: القرينة أن أصل الآيات نزلت في اليهود كما في سياقها الوارد، فللعمل بها وتطبيقها في الملة الإسلامية لابد من التفصيل المنقول عن السلف في تفسيرها، وهاهو بين يديك أعلاه ..
كلام العلماء
والمشهور المنقول عن أئمة أهل السنة قديما وحديثا، أن معنى هذا كلام ابن عباس (كفر دون كفر) صحيح ثابت وإن لم ينقل فيه الإجماع ..
وهو قول حكاه ابن جرير: قال: وقال آخرون معنى ذلك ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به، فأما الظلم والفسق، فهو للمقرِّ به.
وقال أيضا فيما نقلناه أعلاه:
إن الله تعالى عَمَّ بالخبر بذلك عن قومٍ كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكمَ، على سبيل ما تركوه، كافرون. وكذلك القولُ في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به، هو بالله كافر. اهـ
ومن أهم الأقوال في هذا الموضوع:
رأي شيخ الإسلام ابن تيمية
وهذا المعتقد بهذا التفصيل هو المنقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع كثيرة من مجموع الفتاوى: فقال (3/ 267):
وَالْإِنْسَانُ مَتَى حَلَّلَ الْحَرَامَ - الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ - أَوْ حَرَّمَ الْحَلَالَ - الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ - أَوْ بَدَّلَ الشَّرْعَ - الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ - كَانَ كَافِرًا مُرْتَدًّا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
¥