ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[20 Feb 2009, 03:11 ص]ـ
تفسير (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
نبي الهدى والرحمة القائل فيما صح عنه:
أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ..
وبعد:
أيها الأحبة الكرام ..
هذا عرض سريع لتفسير قول الله تعالى:
( .. وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) المائدة-44
وبيان الإختلاف الواقع فيما نقل عن ابن عباس في تفسيرها ..
وكذلك فيمن علق عليها بما يخص قضية الحاكمية والتكفير ..
فأقول والله المستعان وعليه التكلان:
أولا: مناسبة نزول الآيات من سورة المائدة
في المسند ومعجم الطبراني عن ابن عباس:
إن الله عز وجل أنزل: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) و {الظالمون} و {الفاسقون}.
قال ابن عباس: أنزلها الله في الطائفتين من اليهود .....
ثم قال: فيهما والله نزلت وإياهما عنى الله عز و جل.
الحديث رواه أحمد 1/ 246 والطبراني في الكبير 3/ 95 بطوله وحسنه شعيب الأرنؤوط والألباني في الصحيحة 6/ 111.
وقد صح أيضا عن أبي مجلز أن مناسبة نزولها في اليهود كما سيأتي ..
وهو الصحيح المتبادر من ظاهر وتركيب السياق القرآني ..
قال تعالى:
(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)
ومع ذلك .. فهناك قاعدة مشهورة تقول:
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ..
ولذلك أردف رواية ابن عباس برواية حذيفة وهي الآتية ..
رواية حذيفة في تفسير الآية
قال الإمام الحاكم في المستدرك:
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ثنا محمد بن عبد السلام ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأ جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن همام قال:
كنا عند حذيفة فذكروا: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)
فقال رجل من القوم: إن هذا في بني إسرائيل!!
فقال حذيفة: نعم الأخوة بنو إسرائيل إن كان لكم الحلو ولهم المر، كلا والذي نفسي بيده حتى تحذو السنة بالسنة حذو القذة بالقذة.
رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/ 342) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه، وقال الذهبي قي التلخيص: صحيح على شرط البخاري ومسلم.
ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره بسنده (6463) ..
فخرجنا من هذا العرض السريع أن مناسبة نزولها في اليهود من أهل الكتاب الذين عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم ..
ولكن هذا لا يمنع – حسب القواعد العلمية لتفسير القرآن – الحكم بعموم لفظها كما ذكر ابن جرير الآثار في تفسيرها وهو الآتي:
تفسير ابن جرير للآية
قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسير الآية:
يقول تعالى ذكره:
ومن كتم حُكم الله الذي أنزله في كتابه وجعله حكمًا يين عباده، فأخفاه وحكم بغيره، كحكم اليهود في الزانيين المحصنين .. ووو .. (فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) هؤلاء الذين لم يحكموا بما أنزل الله في كتابه، ولكن بدَّلوا وغيروا حكمه، وكتموا الحقَّ الذي أنزله في كتابه (هُمُ الْكَافِرُونَ) يقول: هم الذين سَتَروا الحق الذي كان عليهم كشفه وتبيينُه، وغطَّوه عن الناس، وأظهروا لهم غيره، وقضوا به، لسحتٍ أخذوه منهم عليه. اهـ
ثم ذكر آثارا كثيرة أن المراد بهذه الآيات الثلاث من سورة المائدة اليهود وكل الكفار ..
ثم قال: وقال بعضهم: عنى بـ " الكافرين "، أهل الإسلام، وبـ " الظالمين " اليهود، وبـ " الفاسقين " النصارى، ورواه عن الشعبي بتسع روايات عنه ..
ثم قال: وقال آخرون: بل عنى بذلك: كفرٌ دون كفر، وظلمٍ دون ظلم، وفسقٌ دون فسق.
¥