والقوة فليس لهم إلا السيف، فهذه هي حقيقة دين الإسلام، فهو دين القوة ودين الجهاد، فالأصل المصارمة، والأصل) َاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) (لأنفال: من الآية12)) و (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) (التوبة: من الآية5) هذا هو الأصل وهذا هو الكمال، لكن في حال العجز يلجأ إلى الصفح والإعراض، لكن لا يجعل الصفح والإعراض هو دين الإسلام، لا تجعل الرخصة في حال العجز والضعف هي الأصل و يقال هذا هو دين الإسلام، فليس هذا دين الضعف إنما دين القوة، هذا مع المشركين طبعا،أما مع المسلمين فـ (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:35) 2/ ومن المسائل المهمة: أن كل حكم ورد بخطاب مشعر بالتوقيت، أو ربط بغاية مجهولة، ثم انقضى بانقضائها فليس بنسخ.

مثاله:

الله عز وجل يقول (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) (النساء:15) فكان حد الزاني الإمساك للنساء في البيوت حتى تموت ولا تخرج، أو يجعل الله لهن سبيلا، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بمدة لما نزل عليه حدّ هذه الفاحشة قال: (خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائه وتغريب عام والثيب بالثيب الرجم) فهذا ليس من قبيل النسخ، لأنه غيي بغاية، فبلغ هذه الغاية (أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً). فجعل الله لهن سبيلا فتغير هذا الحكم.

أقسام النسخ:

النسخ ينقسم باعتبارات عدة إلى أقسام مختلفة:

فينقسم باعتبار باعتبار التكليف المنتقل إليه من خفة وثقل إلى ثلاثة أقسام:

نسخ إلى الأخف: مثل: مصابرة الواحد للعشرة، فنسخ بمصابرة اثنين في القتال.

النسخ إلى الأثقل: مثل: صيام رمضان، فإنه كان على التخيير، ثم صار لازماً لكل مستطيع،فهذا نسخ إلى الأثقلز

والثالث: النسخ إلى المساوي. ـ أي: من ناحية المشقة ــ ومثاله: نسخ القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام ..

وينقسم بالنظر إلى وقته إلى:

نسخ قبل التمكن من الامتثال والفعل، وإلى نسخ بعد التمكن. وهذه مسألة مشهورة من مسائل الناسخ والمنسوخ، وإن كان كل صور النسخ كانت بعد التمكن من الامتثال، إلا مثال واحد هو الذي يمثلون به على النسخ قبل التمكن، وهو ذبح إبراهيم لابنه عليهم الصلاة والسلام حين أمره الله بالذبح ثم نسخ ذلك قبل أن يحصل هذا الذبح، فهذا نسخ قبل التمكن.

مثال آخر: لكن فيه خلاف، وهو نسخ الصلوات، لكن هذا قبل بلوغ المكلفين، لكن بعدما بلغ المكلف ثم نسخ قبل أن يفعل، فلا يذكر إلا مثال إبراهيم عليه السلام .. والله تعالى أعلم.

وينقسم باعتبار النظر إلى كونه إلى بدل أو إلى غير بدل إلى قسمين على الأشهر:

نسخ إلى بدل: وهذا مثاله: عامة صور النسخ والله يقول: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) (البقرة: من الآية106) فالنسخ إلى بدل هو الغالب، وأما النسخ إلى غير بدل فهو نادر، وأشهر مثال له وفيه نزاع مشهور: هو قوله تبارك وتعالى في الصدقة بين يدي النجوى (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (المجادلة: من الآية13) فنسخت الصدقة بين يدي النجوى إلى لا شيء، والمخالفون يعترضون عليه كشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله يقولون: النسخ إلى بدل موجود، فالصدقة بقيت مستحبة لم ترفع بالكلية، وبه يقول ابن القيم رحمه الله، فشيخ الإسلام وابن القيم وطائفة يقولون: لا يمكن أن يكون نسخ إلى غير بدل لأن الله وعد فقال نأت بخير منها أو مثلها، ويبقى الخلاف صورياً ـ والله تعالى أعلم ــ لأن حقيقة الخلاف بين هؤلاء هو في تسمية هذا الشيء.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015