أما رد إذاعة حول العالم من (مونت كارلو) فكان: (الموضوع الذي طرحته موضوع هام، لكننا كإذاعة لا نحب أن ندخل في حمى و طيس هذه المعركة، إذ لا نظن أنها تخدم رسالة الإنجيل، فرسالتنا هي رسالة محبة، و ليست رسالة تحدي…) أما رد الفاتيكان فقد جاء فيه: (بوصفنا مسيحيون فنحن لا نقبل بالطبع أن يكون القرآن هو كلام الله على الرغم من إعجابنا به؛ حيث يعتبر القمة في الأدب العربي، و لكن هذا بالطبع لا يعني أنه أوحي به من عند الله كما هو الحال في الكتاب المقدس، و هناك نقطة عملية تعوق مسألة الإتيان بسورة من مثل القرآن، و هي: من ذا الذي سيحكم على هذه المحاولة إن تمت بالفعل؟ …) أما أكثر مئات المؤسسات الأخرى فقد اعتصمت بالصمت ولم ترد

ولما لم يستطع النصارى مجاراة القرآن فقد أنكروا تميزه وتفرده حتى لا يثبت فيه شئ جديد ليس في كتبهم فادعوا لذلك أن العرب لم يكترثوا لهذا الإعجاز؛ إذ سخروا من محمد، والاستنتاج الوحيد من هذه السخرية والجحود – كما زعموا -أن العرب لم يعترفوا بالإعجاز لأنه لا يوجد أصلا حتى يقتنع الناس به

والحق أن كتب التاريخ والسير تذكر أن المسلمين لم يكونوا وحدهم قد أقروا بهذا الإعجاز بل أقر به الكفار أيضا، والفضل ما شهد به الأعداء، ومن ذلك الآتي:

أ- قال الوليد بن المغيرة – وهو مشرك لم يؤمن قط - واصفاً القرآن (والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمعرق وإن أعلاه لمثمر)

ب- جاء أبو جهل يستمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم من الليل هو وأبو سفيان بن حرب والأخنس بن شريق ولا يشعر أحد منهم بالآخر؛ فاستمعوها إلى الصباح؛ فلما أصبح الصبح تفرقوا فجمعتهم الطريق؛ فقال كل منهم للآخر ما جاء بك؟ فذكر له ما جاء به، ثم تعاهدوا أن لا يعودوا لما يخافون من علم شباب قريش بهم لئلا يفتتنوا بمجيئهم، فلما كانت الليلة الثانية جاء كل منهم ظنا أن صاحبيه لا يجيئان لما سبق من العهود؛ فلما أصبحوا جمعتهم الطريق فتلاوموا، ثم تعاهدوا أن لا يعودوا، فلما كانت الليلة الثالثة جاءوا أيضا فلما أصبحوا تعاهدوا أن لا يعودوا لمثلها ثم تفرقوا، فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى أبا سفيان بن حرب في بيته؛ فقال: أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد، قال: يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها، ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه في بيته؛ فقال: يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال: (تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذه؛ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه)، فقام عنه الأخنس وتركه

ج- كان عتبة بن ربيعة عالما بالكهانة والشعر والسحر؛ فذهب - بأمر قريش - إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فحدثه والنبي ساكت، فلما فرغ قال: قد فرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم؛ فقال اسمع: (حم تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ) إلى قوله: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (فوثب عتبة ووضع يده على فم النبي (صلى الله عليه وسلم) وناشده الله والرحم ليسكتن، ورجع إلى أهله، ولم يخرج إلى قريش؛ فجاءه أبو جهل فقال: أصبوت إلى محمد؛ فغضب عتبة وأقسم ألا يكلم محمدا أبدا، ثم قال: (والله لقد سمعت كلاما من محمد ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالكهانة؛ فأطيعوني في هذه وأنزلوها بي؛ خلوا محمدا وشأنه واعتزلوه؛ فو الله ليكونن لما سمعت من كلامه نبأ) (4)

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015