ولما كان الإعجاز المتعلق بالعلوم والمعاني لم يعد موجودا في هذه الكتب لما اعتراها من التبديل والتحريف – فإن النصارى قد حاولوا أن يثبتوا أن لكتابهم إعجازا علميا كما للقرآن؛ متناسين الصراع بين العلم والدين عندهم في الفكر الغربي ومتناسين سيطرة الكنيسة وما نتج من ذلك من جهل وخرافة ومتناسين عصر التنوير وإبعاد الدين وبداية العلم والحضارة.

إعجاز البلاغة والفصاحة:

من الأمور الثابتة للقرآن ولا ينازعه فيها كتاب سماوي سواء كان في أصله الأول المنزل به من عند الله أو بعد تحريفه – إعجاز القرآن المتعلق بالبلاغة والفصاحة؛ وهذا النوع من الإعجاز هو الذي جعل للقرآن مظهرا جميلا ومسموعا متميزا عن غيره

وقد عرف النصارى هذا النوع من الإعجاز وحاولوا تقليده؛ وقد جاءت بعض الإذاعات المسيحية المتخصصة بأمور جديدة مبتكرة وهي تقديم تلاوات كتلاوات القرآن المعروفة، ولكنها ليست قرآنا، وكذلك قام عدد من المفكرين النصارى بمحاولات أخرى؛ وهي تحقيق مشروع عمره 16سنة ويهدف المشروع لصياغة الإنجيل باللغة العربية على الطريقة القرآنية كما حرصوا فيها على اختيار كلمات قرآنية كثيرة ويبدأ كل فصل منه بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"، وقد نشرت بعض المنظمات التنصيرية ذلك الإنجيل في عدد من الدول العربية والإفريقية، ومن نماذجهم: بسم الله الرحمن الرحيم. قل يا أيها الذين آمنوا إن كنتم تؤمنون بالله حقاً فآمنوا بي و لا تخافوا. إن لكم عنده جنات نزلاً. فلأسبقنكم إلى الله لأعدها لكم، ثم لآتينكم نزلة أخرى، و إنكم لتعرفون السبيل إلى قبلة العليا. فقال له توما الحواري: مولانا إننا لا نملك من ذلك علماً. فقال له عيسى: أنا هو الصراط إلى الله حقاً، و من دوني لا تستطيعون إليه سبيلاً، و من عرفني فكأنما عرف الله، و لأنكم منذ الآن تعرفونه و تبصرونه يقيناً، فقال له فيليب الحواري: مولانا أرنا الله جهرة تكفينا، فقال عيسى: أو لم تؤمنوا بعد و قد أقمت معكم دهراً؟ فمن رآني فكأنما رأى الله جهراً)

وهذه ليست أولى المحاولات لهؤلاء النصارى فقد بدأت في ولاية تكساس الأميركية حملة ثقافية اجتماعية أصدرت مجموعة كتاب "الفرقان الحق" (( THصلى الله عليه وسلم TRUصلى الله عليه وسلم FURQصلى الله عليه وسلمN الذي تسعى من خلاله للإساءة إلى الإسلام عن طريق تشويه القرآن الكريم, بكتابة تخاريف بطريقة لغوية تحول التشبه ببعض الصياغات في القرآن الكريم. وهذا الكتاب مؤلف من 368 صفحة من القطع المتوسط، وقد استخدموا في بداية الكتاب كلمات تبدو في ظاهرها بريئة وقريبة من المنطق الديني الإنساني؛ مثل: (يوجد في أعماق النفس البشرية أشواق للإيمان الخالص والسلام الداخلي والحرية الروحية والحياة الأبدية. وإننا نثق بالإله الواحد الأوحد بأن القراء والمستمعين سيجدون الطريق لتلك الأشواق من خلال الفرقان الحق. إن خالق البشرية يقدم هذه البركات السماوية لكل إنسان بحاجة إلى النور من دون تمييز لعنصره أو لونه أو جنسه أو لغته أو أصله وأمته أو دينه. فالله يهتم كثيراً بكل نفس على هذا الكوكب) لكنهم بعد ذلك ينشرون ما يسمونه 77 "سورة" جاء معظمها تحت العنوان نفسه المذكور في سور القرآن الكريم؛ لكن مضمونها مختلف تماماً. وتم اختيار سور أخرى بعناوين جديدة تتطرق إلى موضوعات معينة، وتشتمل كل هذه الموضوعات على تحريض ضد الإسلام، وفي بداية الكتاب جاءت سورة "الفاتحة" لكنها مشوّهة وليست كما جاءت في القرآن الكريم وقد وزع هذا الكتاب في البلاد العربية والإسلامية على الطلاب المتفوقين في المدارس الأجنبية الخاصة، هذا وقد نشرت إحدى الحركات السياسية اليهودية أيضا وتدعى "يد لاحيم" أي: (يد الأخوة) مادة تحت عنوان "القرآن الجديد"

والحق أن المسلمين الذين تلقت آذانهم القرآن لا يحفلون بمثل ذلك؛ وإنما يقولون كما قال الإمام الباقلاني قديما: (إن هذا الكلام أخسّ من أن نشتغل به وأسخف من أن نفكر فيه؛ وإنما نقلنا منه طرفاً ليتعجّب القاري ويتبصّر الناظر) ثم إن هذه المحاولات فيها اعتراف بإعجاز القرآن وعلو درجته في البلاغة؛ إذ أنهم لما رأوا سمو أسلوب القرآن حاولوا تقليده في كتبهم، ولكن هيهات فلا هذا النص ولا النص الأصلي من إنجيل متى يمكن أن يشابه القرآن. والنص الأصلي المأخوذ من إنجيل يوحنا الإصحَاحُ الرَّابعُ عَشَرَ الذي حاولوا تعديله هو

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015