وقد نشرت هذا الخبر فقط لإثارة انتباه الباحثين لهاذ التوافق بين بعض الباحثين المسلمين والآخرين.

غير أنني عدت لقراءة بعض البحوث العددية، فترسخت قناعتي أكثر بعدم وجود ظاهرة (إعجاز عددي) حقيقية في القرآن الكريم. وليسمح لي الأخوان عبد الله جلغوم وأبو عمرو البيراوي:

فالتعسف واضح في اختيار العمليات الحسابية: مرة بالجمع، ومرة بالطرح، أو الضرب، ومرة باعتبار رقم العشرات في العدد، ومرة بتقسيم الآيات أو السور إلى فردية وزوجية،، ومرة ينظر إلى عدد الكلمات، ومرة إلى عدد الآيات أو إلى عدد حروف الكلمات، مرة إلى جمع القيمة العددية للحروف ... والقائمة طويلة من هذه العمليات التي لا أجد وصفا صادقا لها سوى أنها "بهلوانية".

والموضوع لا يرقى في نظري لمستوى أن يكون (ظاهرة) فضلا عن يكون (إعجازا).

1 - وأول اعتراض على هذا التوجه في دراسة القرآن هو أنه يعتمد على الرسم العثماني، وهو في اعتقادي "رسم توافقي" لا يخالَف، وليس "رسما توقيفي" (وأرجو المعذرة ممن يخالفني الرأي، وما قرأته من استدلالات عن التوقيف هي في فهمي الخاص متعلقة بالتوافق وليس بالتوقيف. وهذا لا ينفي عدم جواز مخالف المتوافق عليه).

2 - الاعتراض الثاني: هو غياب الاطراد في الحسابات. فالظاهرة تعني وجود حقيقة أو حدث يمكن إدراكه بالحواس. والحديث عن وجود ظاهرة، أي ظاهرة، يستدعي وجود الأمور التالية في ما يتم ملاحظته: إطار الظاهرة، أصولها، مقاصدها، أغراضها، حدودها، بنيتها، مدتها، شروط توفرها ...

وعادة ما ينتهي البحث في الظاهرة باستخراج (قواعد كلية) يسهل تطبيقها آليا، وإلا فقد الموضوع قيمته.

ولذلك، حين يتكلم بعض العلماء في أوجه الإعجاز، عن وجود (ظاهرة بلاغية) أو (ظاهرة بيانية) أو (ظاهرة موسيقية) أو (تصوير فني) ... فهم محقون في ذلك، لأنهم تمكنوا من استعمال أدوات بحث مقبولة للبرهنة على ذلك. وهذا في اعتقادي ما ينقص بحوث (الظاهرة العددية).

3 - علم الحساب لا يحتوى فقط على العمليات البسيطة فقط، ولا على الأعداد البسيطة فقط، ولا على الأعداد الإيجابية فقط. فما سبب انتقاء بعض الأدوات دون غيرها؟

...

وأقترح على الباحثين الرافضين لمفهوم (الإعجاز العددي) أن يطرحوا الموضوع بالشكل التالي (والأمر ينطبق أيضا على ما يسمى بالإعجاز العلمي):

1 - التمييز بين مفهوم الإعجاز ومفهوم الظاهرة.

2 - لو فرضنا جدلا بوجود (إعجاز علمي) أو (إعجاز عددي) أو (ظاهرة عددية) في القرآن:

- فما الذي يتوجب أن يتحقق فيها من شروط لقبولها؟

- ما هي نسبة الاطراد التي نحتاجها كي يعتبر الأمر اطرادا؟

- ما هي أدوات البرهنة التي يتوجب اعتمادها؟ وما هي ضوابط استعمالها كي نتأكد من أنها لم تستعمل بطريقة عبثية؟

وقد يحتاج الأمر إلى وضع تساؤلات أخرى كي يضبط بشكل أدق.

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[15 Feb 2009, 06:32 م]ـ

وحتى أكون أكثر دقة في كلامي، أقول:

البحوث الحالية في (الظاهرة العددية) لم ترتق لأن تصبح معتدا بها لقصورها المنهجي حاليا. والانطباع المتولد لدي لحد الآن يقضي بعدم وجود (ظاهرة حقيقية) وأن الأمر لا يعدو أن يكون (ظاهرة وهمية).

غير أن هذا لا يعني عدم وجود الظاهرة حقيقة. فقد تكون موجودة ولكن لم تكتشف بدقة لحد الآن. ولذلك فمن الإنصاف في البحث عدم إلغاء هذا الاحتمال، حتى تتوضح معالم المنهج وقواعده، وكذلك قواعد الحكم عليه. وحينها يمكن الحكم لها أن عليها.

ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[15 Feb 2009, 09:43 م]ـ

الأخوة الكرام:

1. أنا من المتابعين لأبحاث الإعجاز العددي، وقد استمعت مطولاً لشروحات الشيخ بسام جرار فتوصلت إلى قناعة بأننا أمام وجه جديد من وجوه إعجاز القرآن الكريم. والعجيب أن غير المسلمين والملاحدة العلمانيين كانوا يذهلون عند الاستماع إلى المحاضرات المتعلقة بالعدد.

2. يبدو أن البعض لا يزال يعارض لأنه لم يتصور المسألة بعد، أو لأنه قد اطلع على بحوث متكلفة وغير جادة، وهذا أمر متوقع.

3. مسألة العدد تتعلق بأمور كثيرة كالحروف والكلمات والآيات والسور وحساب الجمل .. أي أن هناك شمول في المسألة ويريدها البعض مقصورة على جوانب محددة.

4. على أية حال تقع مسؤولية اقناع الناس بهذا الوجه من وجوه الإعجاز على الذين يؤمنون بمسألة الإعجاز العددي.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015