"القَول في تأويل قوله تعالى: {اهبِطوا مِصْرًا فإن لَكم ما سألتم} وتأويل ذلك: فدعا موسى فاستجبنا لَه , فَقلنا لَهم: اهبطوا مصر. وهو من المحذوف الذي اجتزئ بدلالة ظَاهره علَى ذكر ما حُذِفَ وتُرِكَ منه" والله تعالى أعلم

ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[03 Jan 2010, 06:20 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

أولاً/ ذكر ابن كثير رحمه الله حديث معاذ رضي الله عنه عندما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: "بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله قال:"فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله قال:"فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال:

"الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يُرضي رسولَ الله" ثم قال ابن كثير رحمه الله: وهذا الحديث في المسند للإمام أحمد والسنن بإسناد جيد كما هو مقرر في موضعه اهـ.

عقب القاضي كنعان فقال: قول ابن كثير رحمه الله:"وفي السنن بإسناد جيد" فيه تساهل بيانه: أن هذا الحديث لم يخرجه من أصحاب السنن سوى أبي داود والترمذي بالإضافة إلى الإمام أحمد في مسنده اهـ.

وكما ذكر الدكتور أبي مجاهد العبيدي حفظه الله فقد ضعف الألباني رحمه الله الحديث سنداً ومتناً

ما ذُكِر هنا ليس استدراكا على الإمام ابن كثير - رحمه الله - و إنما هو وهمٌ من أوهام المستدرِك كنعان؛ فذلك الحديث أخرجه البيهقي، و الدارمي من أصحاب السُنن، غير أبي داود و الترمذي؛ فلم يصحّ الاستدراك هنا

و قد احتج بذلك الحديث عددٌ من الأئمة المتقدمين؛ منهم:

1 - الإمام الشافعي في كتابه " الأم "؛ فذكر الحديث ((عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر) قال يزيد فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن حزم فقال: هكذا حدثنى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة.

(قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ومعنى الاجتهاد من الحاكم إنما يكون بعد أن لا يكون فيما يريد القضاء فيه كتاب ولا سنة ولا أمر مجتمع عليه، فأما وشئ من ذلك موجود فلا.

فإن قيل: فمن أين قلت هذا، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم ظاهره الاجتهاد؟ قيل له: أقرب ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: (كيف تقضى؟) قال: بكتاب الله عزوجل، قال: (فإن لم يكن؟) قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (فإن لم يكن) قال: أجتهد رأيى قال: (الحمد لله الذى وفق رسول رسول الله لما يحب رسول الله)، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الاجتهاد بعد أن لا يكون كتاب الله ولا سنة رسوله)). أهـ

2 - و احتج به أيضا الإمام ابن عبد البر في كتابه " جامع بيان العلم وفضله "، (باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة)؛ قال: (قرأت على عبد الوارث بن سفيان حدثكم قاسم بن أصبغ، قال: نعم حدثنا قال حدثنا بكر بن حماد، قال حدثنا مسدد، قال حدثنا يحيى القطان عن شعبة، قال حدثني أبو عون عن الحارث بن عمرو عن أناس من أصحاب معاذ عن معاذ أنه قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال: كيف تقضي، وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة عن أبي عون وهو محمد بن عبيد الله الثقفي قال سمعت الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة يحدث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال: كيف تقضي - ثم اتفقا - إذا عرض لك قضاء، قال أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم يكن في كتاب الله، قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أجتهد رأيي ولا آلو، قال فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله، ولفظ حديث القطان على لفظ معاذ فضرب صدري وقال لي نحو هذا .... ). أهـ

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015