في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء)) (ص263 - 265)، وابن حزم الأندلسي في ((الإحكام في أصول الأحكام)) (6/ 766،773،774) و ((ملخص إبطال القياس)) (ص14 - 15)، والمزي في ((تهذيب الكمال)) (5/ 266)، وابن حجر في ((موافقة الخُبر الخَبر)) (1/ 118).

الكلام على الحديث رواية

تفصيل طرقه وأسانيده المتقدمة:

له طريقان حسبُ:

1 - الطريق الأول: شعبة، عن أبي العون، عن الحارث بن عمرو –ابن أخي المغيرة بن شعبة-، عن أصحاب معاذ بن جبل، عن معاذ ... به.

2 - الطريق الثاني: شعبة، عن أبي العون، عن الحارث بن عمرو، عن أصحاب معاذ ... به.

قلت: فالطريقان مدارهما على الحارث بن عمرو، إلا أن الاختلاف فيهما على الوصل والإرسال.

كلام العلماء والأئمة في بيان علله:

قال الإمام البخاري في ((التاريخ الكبير)) (2/ 1/275) و ((الأوسط)) -كما في ((الإحكام)) (6/ 35) و ((التهذيب)) (2/ 152) - و ((الصغير)) (1/ 304): "الحارث بن عمرو –ابن أخي المغيرة بن شعبة- الثقفي، عن أصحاب معاذ، -رفعه- ... في اجتهاد الرأي.

قال شعبة: عن أبي عون. ولا يُعرف الحارث إلا بهذا، ولا يصح" ().

كذا في ((الصغير)) و ((الأوسط))، وزاد في ((الكبير)): " ... مرسل".

قلت: يعني أن الصواب فيه: (( ... عن أصحاب معاذ .. ))، وليس فيه: ((عن معاذ ... )).

وقال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بالمتصل".

وأقرّه العراقي في ((تخريج أحاديث المنهاج)) رقم (57) ولم يزد على ذلك.

وقال الدارقطني في ((العلل)) رقم (1:1): "رواه شعبة عن أبي عون ... هكذا، وأرسله ابن مهدي وجماعات عنه، والمرسل أصح".

وقال أبو داود الطيالسي: "أكثر ما كان يحدثنا شعبة عن أصحاب معاذ: أن رسول الله ...

وقال مرة: عن معاذ".

قلت: فالمتقدمون -إذاً- رجحوا الإرسال على الوصل، وبخاصة أن الذين رووه مرسلاً جماعات، كما قاله الدارقطني وأبو داود الطيالسي.

ويؤيده - أيضاً- قول عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الوسطى)) (3/ 342): "لا يُسند ()، ولا يوجد من وجه صحيح".

قلت: فمدار الطريقين على الحارث، ثم اختلف عليه فيه ما بين إرسال ووصل.

والراجح الإرسال.

والحارث هذا: جهّله جمهرة جُلَّى من أهل الجرح والتعديل، تقدّم كلام بعضهم، وها هو ذا كلام بعض الآخرين:

1 - قال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (1/ 439): "الحارث بن عمرو، عن رجال، عن معاذ ... بحديث الاجتهاد! قال البخاري: لا يصحُّ حديثه، قلت: تفرّد به أبو عون محمد بن عبيدالله الثقفي، عن الحارث بن عمرو الثقفي -ابن أخي المغيرة-، وما روى عن الحارث غير أبي عون، فهو مجهول".

قلت: يعني؛ مجهول العين –كما هو مقرّر في محله-.

ولقد أودع الذهبي الحارث -هذا- في كتابيه المفردين في الضعفاء:

أولهما: ((المغني في الضعفاء)) (1/ 142).

ثانيهما: ((ديوان الضعفاء والمتروكين)) (ق27) ().

2 - وقال المزي في ((تهذيب الكمال)) (5/ 266): "لا يُعرف إلا بهذا ... ".

3 - وقال الحافظ ابن حجر في ((تقريب التهذيب)) رقم (1039): "مجهول".

4 - وأورد ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (3/رقم:377) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، يعني: أنه في حيِّز الجهالة عنده -كما تراه في مقدمة كتابه-.

5 - وقال ابن حزم في ((الإحكام)) (6/ 35): "وأما خبر معاذ؛ فإنه لا يحل الاحتجاج به لسقوطه، وذلك أن لم يُرو قط إلا من طريق الحارث بن عمرو، وهو مجهول لا يَدري أحد من هو ... ".

6 - وقال ابن الجوزي في ((العلل المتناهية)) (2/ 273): "هذا حديث لا يصح، وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم، ويعتمدون عليه! ولعمري إن كان معناه صحيحاً ()، إنما ثبوته لا يُعرف؛ لأن الحارث بن عمرو مجهول، وأصحاب معاذ من أهل حمص لا يُعرفون، وما هذا طريقه فلا وجه لثبوته".

7 - وقال الجورقاني في ((الأباطيل)) (1/ 106): "هذا حديث باطل، رواه جماعة عن شعبة، عن أبي عون الثقفي، عن الحارث بن عمرو -ابن أخي المغيرة بن شعبة-.

واعلم أنني تصفّحت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت من لقيته من أهل العلم بالنقل عنه، فلم أجد له طريقاً غير هذا، والحارث بن عمرو هذا مجهول. وأصحاب معاذ من أهل حمص لا يُعرفون، ومثل هذا الإسناد لا يُعتمد عليه في أصل من أصول الشريعة!

فإن قيل لك: إن الفقهاء -قاطبة- أوردوه في كتبهم واعتمدوا عليه؟!

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015