"في ظلال القرآن"

لسيد قطب رحمه الله تعالى كتاب عجيب؛ لا يملك المنصف العاقل عندما يقرأ فيه إلا أن يقول: سبحان من فتح على سيد بهذه الفتوحات التي استقاها من نور الوحي، وسبحان من آتاه ذلك الأسلوب الأدبي الرفيع الذي يأسر به القارئ ويأخذ بمجامع عقله وفكره حتى يحلق به في آفاق سامية ومعان رائعة وصور بديعة قل أن تجدها في كتاب ...

كلما قرأت فيه وجدت فيه ضالتي التي أبحث عنها، ورأيت فيه الجمال الذي أنشده، وشعرت عند القراءة فيه بشيء لا أجده عند القراءة في غيره من كتب البشر.

فرحمك الله يا سيد، وجعل ما سطرته في كتابك من العمل الصالح الذي لا ينقطع، وغفر لك ما بدر منك فيه من هنات وزلات- نلتمس لك فيها العذر- ونرجو الرب الكريم أن يمحوها بما غرسته فينا من حب لكتاب ربنا وتعلق به وفهم لمعانيه وإدراك لبعض كنوزه التي ما عرفناها إلا لما قرأنا

"في ظلال القرآن".

وفقك الله ابا مجاهد ورحم الله سيدا رحمة واسعة، وقد كنت قبل دخولي الملتقى اقرأ هذه الاية في ظلال القرآن أظل الله صاحبه في ظل العرش وكأنه يتابع ما يعاني منه أهل غزة الأبية الصامدة، وما يدور في نفوس المؤمنين وفي أفكار المنافقين والمرجفين

....

أقول: ليتدبر هذا الكلام - بعد تدبر الآية الكريمة- أناس تهاونوا في الصلاة، وتكاسلوا عن أدائها والمحافظة عليها في أوقاتها - خاصة من بعض أهل العلم - الذين يعجبك قولهم ولكنك تتعجب من صلاتهم.

فذاك سرّ إذن من أسرار تكرار الكلام عليها في أكثر من رسالة من رسائل النور! منذ يومين أو البارحة وضعت الكلمة الرابعة و هي عن الصلاة .. و لكنني ترددت .. فصحيح أن صلاتي تحتاج تصحيحاً كبيراً لكثرة ما يدخلها من السرحان و الهموم , إلا أنني وجدت أن وضعها في ملتقى التفسير قد لا يناسب .. و ترددت حقيقة لولا ضرورة الوصل بين الفصول .. غير أنني الآن سعيد بما فعلت! و والله أقولها يا أبا مجاهد العزيز: لقد اندفعت الآن فقط إلى النية الجازمة بإحسان الصلاة!!

عجيب والله ما يقوله الشيخ الحبيب أبا مجاهد!

إن بعض ما يقوله ـ ولدي ما هو أعظم ـ هو ما يصرخ به قلبي وشعوري ولا تسعفني موصلاتي الحسية إلى نقله حول كتاب الظلال .. نعم، إنه ـ والله على ما أقول شهيد ـ لا يوازيه كتاب معاصر في أهدافه .. إنه (مخزن توجيه) للصحوة المعاصرة .. مخزن توجيه لا يوازه مخزن آخر كتب إلى الآن.

وأنا لي تعايشات يومية جردية مع الظلال .. وإن من بعض الأمور التي (تنغص) هذا التعايش هو أن أنتهي من جرده .. ولكن .. كتاب الله لا ينتهي!

يقولون كتاب أدبي! .. يقولون كتاب وعظي! .. يقولون كتاب تربية .. ليقولوا ما يشاؤون .. فهذا كلام أحد رجلين؛ رجل ما قرأه وإنما اطلع على بعض جمله ففهمها على خلفية منه .. أو رجل قرأه بعين جلف ما حوت شعورا .. وهذا حال الكثيرين ممن تسوء نياتهم في قراءته .. ونحن هنا بمصر قد نلتقي بأناس ممن تقدمت بهم السن كانوا قديما من الشباب المتابعين للظلال .. فنراهم ـ بتلقائيتهم الصافية ـ يحكون لك مشاعرهم مع هذا الكتاب ومؤلفه.

....

....

لقد فتح الله تعالى علي بكتاب الظلال قراءة وتعايشا و ـ إن صح التعبير ـ عشقا .. !

وأجزم ـ وأنا غير متحرج ـ أنه لم يؤلف مثله .. والكتاب ومؤلفه كانا سببا لنجدتي من بلايا ورزايا فكرية تصورية كنت في طريق الهلاك بها، ولم يعصمني منها ـ كسبب ـ ما كان معي من فروع وعلوم آلة عايشتها سنوات وانغمست فيها غمس الولهان، بله العابد!

إن القضية ليست قضية بيانات وتحصيل وعلوم فروع وأصول؛

فكم رأينا من فقيه ذل وانتكس بعد أن كان غارقا في بحور العلوم ـ وتاريخ الجبرتي والانفتاح الغربي على رجال الأزهر والتاريخ الحديث يشهدون بذلك ـ ..

.....

إن اطمئنان القلب إلى ((الله)) هو شيء آخر غير ذاك .. هو الثبات والاطمئنان إلى منهج الله .. هو التلقائية في التصور .. هو ترك الفطرة تعمل دون معوقات ودون محاولة التدخل في عملها ..

........

قال لي أحد أصحابي يوما حينما اطلعنا على كلام لقطب: كأنما يتكلم من قبره

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015