ثم تعايشت مع الظلال فترة أحداث غزة .. فإذا بسيد قطب رحمه الله .. وفي غمرة الخيانات والتحريض من الخائنين على المؤمنين والتخويف والترعيب من تولي المؤمنين واللحوق بهم في جهاد أعداء العقيدة .. إذا بسيد قطب رحمه الله ورضي عنه يبعث لنا من الظلال بيانا! .. جاء فيه:
({يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين. بل الله مولاكم وهو خير الناصرين}. .
لقد انتهز الكفار والمنافقون واليهود في المدينة ما أصاب المسلمين من الهزيمة والقتل والقرح ليثبطوا عزائمهم ويخوفوهم عاقبة السير مع محمد ويصوروا لهم مخاوف القتال وعواقب الاشتباك مع مشركي قريش وحلفائهم. . وجو الهزيمة هو أصلح الأجواء لبلبلة القلوب وخلخلة الصفوف وإشاعة عدم الثقة في القيادة; والتشكيك في جدوى الإصرار على المعركة مع الأقوياء; وتزيين الانسحاب منها ومسالمة المنتصرين فيها! مع إثارة المواجع الشخصية والآلام الفردية; وتحويلها كلها لهدم كيان الجماعة ثم لهدم كيان العقيدة ثم للاستسلام للأقوياء الغالبين!))
سبحان الله ..
لقد فتح الله على سيد قطب في الظلال ما لم يفتح به على أحد قبله، ولا أحد بعده، إلى اليوم، .....
وتابعوا كتب التفسير منذ الطبري حتى سيد قطب وابن عاشور - رحم الله الجميع وجزاهم عنا خيرا - تروا العجب العجاب ففي آية واحدة [آية ما] تجد أن القرآن أعطى هذا، ومنع ذاك، وفتح على هذا مدى واسعا، وقدر على ذاك، وأبان وكشف لهذا، وأخفى ووارى من ذاك.
.
هذا المفسر العملاق ...
وإذا كان المفسرون لم يدخلوا للقرآن من باب واحد وإنما دخلوا من أبواب متفرقة فلا أدري أي باب دخل منه هذا المفسر المتفرد؟!.
وإذا كان المفسرون يحاولون استخلاص المعاني من الآيات، فإن هذه الآيات لم تكن عند سيد قطب ألفاظا يحاول استخلاص المعاني منها فحسب؛ وإنما كانت كل آية عالما مليئا بالأصداء والأضواء والصور والمشاعر والإيقاعات والإشراقات التي تصل إلى النفس من منافذ شتى؛ العقل والحسّ والوجدان والضمير، وما العقل الذي يحاول استخلاص المعنى - عنده - إلا منفذ واحد من منافذ كثيرة.
عاش سيد قطب في ظلال القرآن فأحس أنّ لكل سورة من سوره شخصية؛ لها روح يعيش معها القلب كما لو كان يعيش مع روح حي مميز الملامح والسمات والأنفاس، ولها موضوع رئيسي أو عدة موضوعات رئيسية مشدودة إلى محور خاص، ولها جو خاص يظلّل موضوعاتها كلها ويجعل سياقها يتناول هذه الموضوعات من جوانب معينة تحقق التناسق بينها وفق هذا الجو، ولها إيقاع موسيقى خاص إذا تغير في ثنايا السياق - فإنما يتغير لمناسبة موضوعية خاصة.
والحق إنني لا أحس أن سيد قطب يتعامل مع القرآن بعقله بل أحس أن القرآن يجري في عروقه، فهذا الذي سجله في الظلال هو الذي أستطاع تسجيله من أحاسيسه ومشاعره فكيف بتلك الأحاسيس والمشاعر الكامنة في نفسه والتي لم يستطع إخراجها وهو يتأمل القرآن العظيم.
غفر الله لهذا الشهيد العملاق ما نعرفه ولا نعرفه إنه سميع مجيب
و بعد هذا كله يا شيخنا الفاضل تغيب سنة كاملة بل تزيد!؟!
على أن اطلاعي على هذا الموضوع و رفعه هو من بركات التقنية الجديدة في المنتدى التي تظهر بعض مواضيع الكاتب .. !
فلله درّ سيّد ... و لله دركم أبا مجاهد .. و لله درّي إذ أرفعه http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif.. و لله درّ الإدارة .. !
و يا ليتكم سيدي الفاضل تغيّرون العنوان ليكون أشمل فتضعوا عندئذ تحته سيولاً مباركة من القبسات الظلالية!
أو تنشيء موضوعاً جديداً بذلك .. فأدعو لك و لوالديك بالرحمة كلما قرأت فيه.
و هذه هدية للجميع و خاصة الأخ الفاضل أ. محمد رشيد لمناسبة بعض كلامه .. هنا:
أنحن مسلمون لأننا نؤمن بالله تعالى؟ أم نحن نؤمن بالله تعالى لأننا مسلمون!؟! ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19194)
و جزى الله الجميع الخير.
خادمكم خلوصي.