ولا شك أن البحث في كتب التفسير والتنقيب في كلام الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم مفيد في معرفة قواعد في التفسير، وقد يقف الباحث على قواعد كثيرة بالاستقراء، كما فعل ذلك شيح الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مقدمته في أصول التفسير.

وهنا نجد أيضاً أن كليات القرآن لها مدخل في تفسير كتاب الله تعالى حيث إن عدداً منها هو كلام العلماء رحمهم الله واستنباطهم، وهي معينة بلا شك في تفسير كتاب الله تعالى.

ومن أمثلة ذلك ما قاله ابن عباس، وابن زيد: (كل شيء في القرآن رجز فهو عذاب) (16).

وكذلك ما قاله الراغب الأصفهاني: (التثويب في القرآن لم يجئ إلا في المكروه) (17).

وهذه الكليات مفيدة جداً في تفسير القرآن الكريم، وهي صالحة لأن تكون قواعد للتفسير يمكن إدارجها ضمن قواعد التفسير لما لها من أثر كبير في التفسير وبيان المعاني.

وبعد .. فهذه إشارة في هذا الموضوع الهام، وإن كان في النفس بقية حديث عنه، ولعل في مدارسة الإخوة الأكارم ومداخلاتهم ما يزيد الأمر وضوحاً ..

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأجمعين ..

السبت 4/ 1 / 1430هـ

ــــــــــــ

(1) انظر: معجم مقاييس اللغة: (5/ 108)، والقواعد الفقهية للباحسين: (14).

(2) انظر: التوضيح بحاشية التلويح لصدر الشريعة: (1/ 20).

(3) التعريفات للجرجاني: (154).

(4) انظر: حاشية العطار: (1/ 31).

(5) القواعد الفقهية: (37).

(6) البحر المحيط: (1/ 121).

(7) البرهان: (1/ 13).

(8) انظر هذا التعريف في معجم اصطلاحات أصول الفقه: (29 - 30).

(9) التحرير بشرح التيسير: (1/ 22).

(10) انظر: أصول الفقه لمحمد شلبي: (24 ـ 25).

(11) اعترض عدد من العلماء على هذا الحصر وذكروا أنه للدلالات الظاهرة.

(12) انظر في ذلك: القواعد الفقهية للباحسين: (192) وما بعدها.

(13) رواه الخمسة.

(14) المحرر الوجيز: (1/ 194).

(15) المدونة الكبرى: (1/ 6).

(16) تفسير الطبري: (1/ 305 – 306).

(17) المفردات: (180).

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Feb 2009, 12:30 م]ـ

قراءة في أصول التفسير وقواعده

د. محمد السيسي

كلية الآداب، مكناس

يعلم من الثروة الهائلة للفكر التفسيري أن هناك طرائق وآليات مختلفة لمناهج بيان القرآن الكريم، وقد شكلت هذه المناهج مدارس واتجاهات في علم التفسير بما اعتمدته من أدوات وقواعد الاستمداد من النص القرآني على مستوى الألفاظ والمعاني والمضامين والمقاصد .. ميزت النشاط التفسيري منذ نشأته إلى يوم الناس هذا، وبما جد فيه من مناهج الفهم والإفهام والاستنباط، انطلاقا من مسلمة هيمنة الخطاب القرآني على الإنسان والزمان والمكان.

وما كان لهذه المناهج أن تتجدد وتستجيب لحاجات عصرها لولا جهود العلماء الربانيين في مجال النقد والتقويم والمقارنة والتجديد وإعادة القراءة لمكونات المنهج الأم مادة وتوظيفا، لتكشف للجيل الوارث عن القضايا والإشكالات المعرفية والمنهجية قصد صيانة الموروث واستثماره في الاستجابة لواجب العصر، وإن واجب العصر كما قرره كثير من المهتمين بصيرورة الأمة؛ إعادة روح التكامل المنهجي بين العلوم الشرعية، لإيجاد نسق معرفي قوامه الوحدة والتناسق، نموذجه في ذلك وحدة الوحي ومحورية القرآن، وتفتق العلوم والمعارف الإسلامية عنه خادمة له فهمًا وبيانا، وفي مقدمتها علم التفسير، الذي قام على أصول حاكمة على التفسير التطبيقي وبياناته، ليبقى متجانسا مع القرآن، موافقا له مهما تراكمت عليه الأقوال وتطاولت عليه الأزمنة.

فالمراجعة المستمرة لما راكمه السابقون واللاحقون حول الوحي من مناهج ومفاهيم، بحثا عن أقوم مناهج الاستنباط والاستثمار والاستمداد، أمر يوجبه تجديد أمر الدين في هذا الدين ومن نتائج المراجعة تجريح المنهج الجزئي في التعامل مع قواعد وآليات الاستمداد من الوحي؛ لأن في ذلك تفتيت لوحدته الموضوعية والعضوية والمقاصدية، وتكريس ودعم لأشكال الاضطراب المنهجي والمعرفي من حيث ندري أولا ندري.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015